تشهد ايران اليوم أزمة مالية خانقة حيث ارتفع سعر الدولار الأميركي أمام الريال بمعدل ثلاثة اضعاف ليصل سعر صرفه الى نحو 39 الف ريال فيما كان قبل عام واحد نحو 13 ألف ريال .
والأسباب التي أدت الى هذه الأزمة المالية مردها الى العقوبات الإقتصادية الأخيرة التي فرضتها الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية والتي بدأت تعطي ثمارها وتشكل عامل ضغط هام على السلطة السياسية التي وجدت نفسها في مواجهة مع الشارع نتيجة تداعيات ارتفاع سعر صرف الدولار على اسعار المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن الإيراني والتي عادة ما تستوردها الحكومة الإيرانية من الخارج .
وحاول النظام الإيراني ان يحمل الصرافين مسؤولية ما جرى فعمد الى اقفال مؤسساتهم واعتقل قسماً منهم ، وأسس دارا للصرافة ، ومنع المعترضين من ابناء الشعب من التظاهر في الشوارع ، ولكن كل ذلك لم يلجم الشعب الإيراني لأن حقيقة الأوضاع التي أدت الى الأزمة المالية في ايران هي بخلاف ما يتذرع به النظام ، وهي تكمن في التالي :
-ان العقوبات الغربية كانت تطال في السابق ثروات اشخاص او منع شركات أجنبية من تصدير مواد تدخل في الصناعة العسكرية والنووية ، او منع شخصيات من السفر الى الخارج ، ولكن العقوبات التي فرضت مؤخراً نجحت في منع ايران من اجراء أي تحويلات خارجية سواء كانت التحويلات بالدولار او باليورو مما حال دون توفر عملات صعبة في البلاد .
-ان موازنة الدولة مجهولة تماماً لأن هناك موازنة خاصة بالحرس الثوري ،وأخرى بالرئيس محمود احمدي نجاد وحاشيته ، وموازنة خاصة بمرشد الثورة السيد علي خامنئي ، وموازنة خاصة بالكتل الطلابية ، وموازنة خاصة برجالات الدين الفاعلين ، وموازنة خاصة بالتصنيع الحربي وبالمشاريع النووية ، وما تبقى يكون موازنة للدولة لتقوم بإلتزامتها تجاه المواطنين.وبذلك يتبين ان ثروات البلاد مبددة وضائعة وغير خاضعة لأي رقابة مركزية .
-ان معظم الشعب الإيراني يعيش تحت عتبة الفقر ورغم ذلك فالسلطات الإيرانية ” كريمة ” جداً في توزيع اعطياتها على جهات خارجية حيث قدمت مئات ملايين الدولارات لأطراف فلسطينية متشددة ، ولحزب الله في لبنان ، ولمنظمات مشبوهة في الخليج ، ولجمعيات غامضة في افريقيا .. وأخيراً فاض كرمها على النظام السوري من خلال مساعدته بمليارات من الدولارات .
ولأن الشعب الإيراني لم يعد يحتمل الجوع والفقر والمرض فقد خرج قبل نحو ثلاث سنوات ليطالب الدولة بوقف هدر الأموال على “حزب الله” وقد كان ذلك واضحاً من خلال اليافطات التي رفعها في تظاهراته المليونية ، ويخرج اليوم الى الشوارع ليطالب الدولة بوقف هدر الأموال في سوريا .
فالشعب بدأ يعي ان مصلحته هي اولاً وأخيراً، وأن من غير المحتمل ان تجر السلطة السياسية البلاد الى مواجهة مع كل القوى العالمية من أجل تحقيق مصالح ضيقة في دمشق أو في جنوب لبنان أو في مناطق أخرى .