جديد المركز

اقتصاد لبنان بين مطرقة حزب الله وسندان سوريا

كان من الطبيعي أن يتأثر لبنان بتداعيات الأزمة السورية لأنه لا يملك حدوداً برية إلا مع سوريا فيما حدوده الجغرافية الأخرى تتصل بالبحر الأبيض المتوسط وبإسرائيل التي هو في حال حرب معها .
كما كان من الطبيعي أن تنقسم الأطراف اللبنانية ما بين مؤيد للنظام السوري وما بين معارض له لأن هناك تداخلاً ديموغرافياً وسياسياً وأمنياً بين البلدين ، ولهذا شهدت الساحة اللبنانية منذ اكثر من سنتين حفلات خطابية سياسية حادة شارك فيها الجميع دون استثناء مما زاد من حجم الانقسام بين اللبنانيين فتباعدت المناطق عن بعضها وتوترت العلاقات بين المذاهب ، وعجزت الدولة عن القيام بأي شيء لأنها انعكاس للواقع الشعبي والطائفي .
ولكن ما هو غير طبيعي كان تدخل ” حزب الله ” مباشرة في خضم المعارك السورية وخاصة في معارك ” القصير ” مسنداً لنفسه لعب دور إقليمي دون ان يأخذ بعين الاعتبار مدى انعكاس ذلك على أمن لبنان واستقراره ووحدة أراضيه .فنقل بذلك الوضع السوري بكل تعقيداته الى الداخل اللبناني ، وكانت النتيجة اندلاع جبهات قتال داخل لبنان في طرابلس وعكار في الشمال، وفي عرسال في البقاع ، وفي صيدا في الجنوب ، وامتدت الشرارات الى وسط العاصمة بيروت .
وبما ان الإقتصاد مرتبط جدلاً بالسياسة فقد كان من البديهي ان يكون المواطن اللبناني هو الخاسر الأكبر الذي يدفع الثمن الآن من لقمة عيشه وعمله وتعليمه وطبابته .
فالدين العام الإجمالي بلغ في نهاية يونيو الماضي 83284 مليار ليرة (أي ما يوازي 55.2 مليار دولار). ونسبة التضخم تخطت الـ110% من العام 1996 وحتى اليوم.
وبسبب تدخل حزب الله في سوريا فإن دول مجلس التعاون الخليجي قد ترحل لبنانيين داعمين لحزب الله، علماً ان اللبنانيين العاملين في دول الخليج وعددهم نحو 400 ألف شخص يحولون الى لبنان سنوياً نحو 4 مليارات دولار .
وعلى المستوى السياحي تراجع وفود العرب بنسبة 46 في المئة مقارنة بالعام 2010، وتدنت نسبة الإشغال الفندقي أكثر 60 بالمئة ، وانخفض إيراد الغرفة المتاحة بنسبة 57 في المئة.
وانخفض معدل التصدير البري عبر سوريا الى البلاد العربية حيث يتم اليوم مرور 50 سيارة مقابل 300 سيارة سابقاً بسبب ارتفاع نسبة المخاطر الناجمة عن الوضع في سوريا .
وتراجعت الصادرات نحو 20 % والواردات نحو 40 % مع توقعات بانخفاض اضافي حتى نهاية العام الجاري .
وحصل جمود تام في القطاع العقاري لأن هناك ترقباً من أصحاب الرساميل ومن المستثمرين الكبار لجلاء الصورة أكثر في سوريا ولبنان.
اما نسبة البطالة في لبنان فقد وصلت إلى أكثر من 25 % فيما توقف بشكل كلي الإستثمار الأجنبي في وقت تراجع فيه أداء مؤسسات وطنية كبرى كشركة “طيران الشرق الأوسط” التي تراجعت نسبة حركتها 50% كذلك شركة “كازينو لبنان” (-45%) من اجمالي نشاطها وتراجع سعر سهم الكازينو بنسبة 20% وبورصة بيروت التي تجاوزت نسبة تراجع عملياتها الـ90% خلال الفترة المنصرمة من العام الحالي.
هذا هو واقع لبنان اليوم القابع ما بين مطرقة حزب الله وسندان سوريا !!