جديد المركز

الأزمة السورية تدخل دهاليز التدويل

دخلت الأزمة السورية بشل فعلي دهاليز التدويل وبات تقرير مستقبل سورية الأمني والسياسي يتم اتخاذه خارج دمشق مما يوحي بأنها مرشحة لتمدد فترة زمنية كبيرة قد تطول لسنوات ، خاصة وأن النظام السوري لم يعد قادراً على فرض أي حل كما ان المعارضة ليست بمستوى ان تلعب دور البديل . فالنظام السوري كان حتى فترة قريبة يعتبر ان الحل الأمني هو الأنسب وأن بإستطاعته القضاء على المظاهر المسلحة ظناً منه انها كناية عن حركات افراد محدودة العدد . وتوافق لجوءه الى خيار الحسم العسكري مع التعمد في تقديم الوعود بإجراء اصلاحات سياسية دون رهن ذلك بفترة زمنية محددة بهدف كسب اكبر قدر ممكن من الوقت . وطروحات المعارضة انقسمت ما بين الداخل الداعية الى اجراء اصلاحات جدية وسريعة تكفل اشاعة مناخ ديمقراطي وتعددية فكرية والغاء هيمنة الحزب الواحد ، وما بين الخارج المطالبة برحيل النظام قبل أي شيء أخر حتى وأن تطلب الأمر تنفيذ ذلك بقوى دولية او عبر استخدام السلاح رغم مخاطر نشوب حرب اهلية ذات ابعاد طائفية ومذهبية . ورغم كل المحاولات فقد فشلت مساعي توحيد صفوف المعارضة او على الأقل توحيد شعاراتها ، كما لوحظ ان أي مجموعة محدودة العدد اطلقت على نفسها صفة المعارضة وباتت تقدم نفسها على انها البديل عن النظام الى حد لم يعد معروفاً وواضحاً من هي المعارضة الحقيقية رغم ان “المجلس الوطني السوري” يُعتبر حتى الأن انه التجمع الأكبر . وعلى خلفية تطورات الأحداث منذ اكثر من عام تبين ان هناك عدة مشاريع دولية مرسومة لسورية منها : – مشروع اميركي هدفه اسقاط النظام السوري ليس حباً بمنح السوريين هامشاً من الحرية بل لإبعاد دمشق عن طهران كمقدمة لمحاصرتها وعزلها ومنعها من التواصل مع حلفائها من حزب الله وحركة حماس . – مشروع عربي هدفه اسقاط ” الجمهوريات الملكية ” وصولاً الى بناء انظمة سياسية اسلامية تكون سداً امام حركات التطرف والإرهاب وفي مواجهة تنظيم القاعدة وأمثاله . – مشروع تركي يعتبر ان النظام السائد في انقرة مثالاً يحتذى وتجربة قابلة للتصدير مع ما يستتبع ذلك من مكانة لتركيا على المستوى الإقتصادي والسياسي . – مشروع ايراني هدفه الحفاظ على النظام السوري بأي ثمن من ضمن مخطط استراتيجي يتطلع الى ربط ايران بالعراق وسورية ولبنان وفلسطين . – مشروع روسي يتطلع الى كيفية الحفاظ على النظام السوري كبديل عن الأنظمة الأسلامية التي قد تمتد الى الشيشان ، ولإيجاد موقع قدم للقوات الروسية في المياه الدافئة عبر القواعد البحرية الموجودة على الشواطىء السورية ، ولعدم اخلاء ساحة الشرق الأوسط لأميركا . – مشروع صيني هدفه البدء بإستثمار القوة الأقتصادية في المجال السياسي الدولي بعد ان بدا ان المصالح الصينية اصبحت مهددة في اكثر من منطقة في العالم وبعد ان خسرت بكين اسواق نفطية هامة في ليبيا وجنوب السودان . – مشروع يضم دول البريكس ( روسيا والصين والبرازيل وجنوب افريقيا والهند ) والذي بدأ يأخذ شكل تحالف دولي حيث يشكل ما نسبته 18 % من الإنتاج العالمي و 40 % من التعداد السكاني ، والذي يفتش عن اعضاء لضمهم اليه مثل سورية وإيران والعراق خاصة وان الدولتين الأخيرتين غنيتين بالنفط . بعض هذه المشاريع تقاطعت ، وبعض هذه المشاريع تعارضت الى حد ان اصحابها هم من يتحدث بأسم المعارضة السورية ويقرر عنها مشروعها السياسي ، أو من يتحدث بأسم النظام السوري ويقرر له خطواته التي يجب ان يتخذها سواء على المستوى السياسي كما على المستوى العسكري . ومن هنا يمكن التكهن بأن الأزمة السورية مرشحة لأن تطول الى حين نضوج تسوية ما وذلك بعد ان يتسلم بوتين رئاسة روسيا ،وبعد ان يتقرر مصير الرئيس ساركوزي لولاية ثانية ، وبعد ان تعرف نتائج الإنتخابات الرئاسية الأميركية . وبإنتظار ذلك ستهدر الكثير من الدماء السورية.