تعاني العديد من مدننا من تشويه للمنظر العام وقد سعدت وأنا أقرأ بعض الأخبار الخاصة بتوجه أمانات المدن خصوصا الكبرى إلى تحسين البيئة البصرية من خلال إزالة المخلفات المختلفة التي شوهت الشكل الحضاري لبعض المدن في خطة أرى أنها ستكون نقلة نوعية في تخطيط المدن في ظل حرص الأمانات والبلديات على تهيئة المخططات الجديدة وإقامتها بشكل حضاري من خلال الشوارع الواسعة والخدمات المساندة وتوفير بنية تحتية متميزة..
ومن المهم جدا الحفاظ على الأصالة والتاريخ في أوساط المدن والتي تعكس توارث العادات ونقل الصورة الواضحة للأجيال عبر مهن قديمة ومتاجر عتيقة في مناطق البلد وهو أمر يجب أن تحرص عليه الأمانات في الحفاظ عليه بالتعاون مع هيئة السياحة لتطوير المواقع التاريخية وهو ما شاهدناه في جدة التاريخية التي باتت معلما سياحيا وتاريخيا ووطنيا متميزا وتم استغلال المواقع بشكل علمي لإقامة المناسبات والفعاليات التي اختصرت تاريخ المدينة وتراثها في منطقة «الوسط» التي تعج بالموروث الشعبي الأصيل لذا فإنه يجب أيضا أن تلتفت أمانات المدن إلى التركيز على البيئة البصرية في تلك المواقع القديمة التي تعكس عراقة الماضي والحفاظ على تلك المواقع من تواجد العمالة السائبة وأيضا ترميم المنازل الآيلة للسقوط وكذلك الاهتمام بتنظيف الشوارع القديمة والمواقع من التشوهات البصرية من المخلفات أو السيارات التالفة وغيرها.
للمدن اتجاهين بين الماضي والحاضر لذا فإن خطوة الحفاظ على البيئة البصرية والمشاهد التي يراها الساكن والزائر من أهم قواعد التخطيط لإظهار المدن بشكل جمالي وحضاري ويعكس ثقافة السكان وكذلك يجب على المواطن والمقيم أن يكون عونا لجهات التخطيط من الأمانات والبلديات من خلال الرقي بمنظر المدينة والشارع والحفاظ على الأماكن العامة والمقدرات العامة.. منذ زمن وضعت ضوابط وغرامات على ملقي النفايات في الأماكن العامة وأيضا وضعت خطط توعية وتثقيف للحفاظ على مناظر المدن الجمالية إلا أن الماضي والحاضر والمستقبل يتطلب مشاركة الجميع في التخطيط المستقبلي للمدن وأرى أن تكثف أمانات المدن من التركيز على مشاريع البيئة البصرية الواجب تطبيقها في المدن وشموليتها لكل المواقع وأن توضع الضوابط وأن تفعل الغرامات لتوظيف هذه الخطط الرامية إلى تحويل المدن إلى «مدن عصرية وحضارية» وأن يرى المواطن والزائر النقلة والتطور الملاحظ في التخطيط وأن تكون المشاريع المستقبلية الجدد كفيلة بتوفير بيئات بصرية تسر الجميع. وأن يساهم الجميع في ذلك لأن ذلك سيكون رافدا هاما من روافد التنمية تحقيقا لأهداف رؤية السعودية 2030 وأن تعمم التجارب الناجحة لأمانات المدن حتى تصل التجربة إلى كل مدننا وأن تتم الاستفادة من المشاريع المتميزة في هذا الجانب وأن يتم التركيز على جوانب الوعي والتثقيف للجميع في ذلك كي يكون الجميع متعاونين في صناعة هذا النجاح.