واجهة أي دولة هي مثقفوها وجامعاتها، التي بقدر ما تكون متطوّرة ومتوافرة لكل الراغبين بالتعلم، وتمتلك أحدث المختبرات وأهم الكادرات التعليمية وأنجح مناهج وبرامج التدريس؛ بقدر ما تعكس الواقع الحقيقي للدولة ولمؤسساتها وللمخططات التي يضعها أولياء الأمر مع كامل الحرص على تنفيذها.
وهذه الحقيقة تنطبق حرفيًا على المملكة العربية السعودية، التي أنعم الله عليها بقادة يتطلعون إلى المستقبل البعيد، وليس التفكير باللحظة الآنية، لأن جيل الغد هو الذي سيحمي البلد ويصونه ويُطوّره، ولأن من حقه أن تتوافر له المقاعد الدراسية لنيل الشهادة التي تُخوّله صون الإنجازات التي حققها من سبقه.
ولا يمكن لهذا الطموح أن يتحقق دون توفر الإمكانيات المطلوبة، وهذا ما كان قد تم رصده في موازنة الدولة العام الفائت، حيث تم تخصيص 168 مليار ريال في موازنة عام 2012 لقطاع التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة، أي ما يُمثِّل أكثر من 24% من النفقات المعتمدة بالميزانية، وبزيادة نسبتها 13% عما تم تخصيصه للقطاع بميزانية العام المالي الحالي 2010.
وتوظيف هذه الميزانية بشكل صحيح أكان لجهة تطوير الجامعات الموجودة أو لجهة إنشاء كليات جديدة كان من نتيجته أن أثمر عن إعلان وزارة التعليم العالي مؤخرًا أنه تم قبول (292,078) طالبًا وطالبة في 25 جامعة حكومية للعام الدراسي 1434/ 1435هـ حتى تاريخ 15 شوال 1434هـ، فيما لا يزال هناك (89,857) مقعدًا شاغرًا منها (52,066) مقعدًا للطلاب، و(37,791) مقعدًا للطالبات.
وأوضح تقرير وزارة التعليم العالي أن المقاعد الشاغرة توزّعت حسب نوع المرحلة الدراسية إلى (21.667) في برامج الدبلوم المتوسط، و(68.190) في برامج البكالوريوس، وحسب نوع الدراسة توزعت إلى (51.094) في برامج الانتظام، و(38.763) في برامج الانتساب والموازي.
ويكفي التأمل في هذه الأرقام لنتبيّن من خلالها أنه يكفي المواطن السعودي فخرًا أن هناك آلاف المقاعد الشاغرة في الجامعات الوطنية، في حين أن معظم دول العالم غير قادرة على توفير مقاعد دراسية كافية لكل طلابها.
ومدعاة فخر المواطن السعودي أيضًا أنه بقدر ما يهتم أولياء الأمر بالتعليم الجامعي داخل البلاد، فإنهم يولون أهمية خاصة للابتعاث الخارجي، حيث يصل عدد الطلبة والطالبات والموظفين الدارسين في الخارج إلى أكثر من 120 ألف طالب وطالبة ومرافقوهم البالغ عددهم أكثر من 137 ألف مرافق.
ولقد وصل إجمالي نفقات المبتعثين الذين تشرف عليهم وزارة التعليم العالي في نهاية العام المالي الفائت إلى ما يقارب 20 مليار ريال.
هذه هي الصورة الواقعية الحالية للمملكة ولمستقبلها المشرق تحت راية أولياء الأمر، وعملًا بقول القرآن الكريم: «وقل ربي زدني علمًا».