يجري التنافس على منصب رئاسة الجمهورية في فرنسا بين عدة مرشحين يحاول كل منهم ان يجذب اكبر قدر من اصوات الناخبين وسط اجواء من الفضائح المالية والأخلاقية .
وستجري الجولة الأولى في 23 نيسان(ابريل) ، والجولة الثانية في 7 أيار(مايو) 2017، وعلى لائحة الترشح المنافسون الرئيسيون وهم:
– فرانسوا فيون، وهو رئيس الوزراء السابق، ومرشح حزب “الجمهوريون” (يمين الوسط).
– إيمانول ماكرون المرشح الوسطي بأسم تيار “الى الأمام” ، وزير الاقتصاد السابق.
– مارين لوبان زعيمة “الجبهة الوطنية” ، نائب في البرلمان الأوروبي .
– بنوا هامون الزعيم الجديد للحزب الإشتراكي .
أما المرشحون الآخرون في السباق الرئاسي فهم جان لوك ميلينشون (فرنسا المتمردة)، ويانيك جادوت (الخضر)، و نيكولا دوبون- اغنا (نهضة فرنسا)، وفيليب بوتو (الحزب المناهض للرأسمالية الجديد)، وناتالي أرثواد (نضال العمال)، و جاك شيميناد (التضامن والتقدم). لكن من المستبعد أن يحصل أحد هؤلاء على نسبة كبيرة من الأصوات.
وحسب التقديرات التي توصلت اليها احدث استطلاعات الرأي سيحصل ماكرون في الدورة الأولى على 22 % من الأصوات ، وهامون 15 % ، وفيون 20 % ، ولوبان 25% . مما يعني ان المنافسة في الدورة الثانية قد تنحصر وفق هذا الأستطلاع بين ماكرون المرجح له أن ينال 66 % من الأصوات وبين لوبان المرجح لها ان تحصل على 34 % من الأصوات .
وهذه ليست تقديرات نهائية لأن بورصة ميول الناخبين تتغير يومياً بشكل زئبقي مما يعني أن هناك متغيرات قد تحصل مجدداً لصالح فيون ليعود ويتصدر المواجهة في الدورتين الأولى والثانية .
وحتى ولو نالت لوبان اكثرية الأصوات في الدورة الأولى فهذا لا يعني انها ستضمن الفوز لأن احزاب اليمين المعتدل والوسط والأحزاب اليسارية قد تصوت ضدها كما فعلت عام 2002 عندما وصل الى الجولة الثانية جاك شيراك بمواجهة زعيم “الجبهة الوطنية ” المتشددة جان ماري لوبان .
ولكن ، وقبل ان تصل الإنتخابات الى خواتيمها ، فإن الحملات بين المتنافسين تركّز على ما نشر من اتهامات بفضائح طالت بعض المتنافسين الرئيسيين أكثر مما تركّز على البرامج الأصلاحية .
فقد كشفت صحيفة “لو كانار إنشيني” في أواخر شهر كانون الثاني (يناير) الماضي أن زوجة فيون حصلت على نحو 500.000 يورو، باعتبارها مساعدة لزوجها في البرلمان (وكان فيون يشغل مقاعد في البرلمان – أحيانا في مجلس النواب وأحيانا في مجلس الشيوخ – منذ عام 1981).
وعلى الرغم من أن توظيف أفراد من العائلة يعد ممارسة عادية بالنسبة للساسة الفرنسيين، فقد أثار حجم راتب السيدة بينيلوب فيون استغراب الرأي العام، لاسيما بسبب إصرارها سابقا على نفي أي دور لها في حياة زوجها السياسية. ومع تطور الفضيحة، كشف الإعلام أن ثروة بينيلوب بلغت قرابة مليون يورو خلال 15 سنة، كما كان زوجها يوظف ايضاً اثنان من اولاده في فترات معينة، إذ كانت رواتبهم غير مسبوقة مثل راتب والدتهم.
ولقد نفى فيون صحة هذه المعلومات وأكد ان زوجته وأولاده كانوا يمارسون عملاً فعلياً ، وأعتذر من الفرنسيين ، ورغم ذلك فقد اشار استطلاع للرأي الى عدم اقتناع ثلثي الفرنسيين (65%) بتبريرات فرنسوا فيون. كما اعتبر اكثر من الثلث (35%) ان عليه رغم ذلك مواصلة ترشحه الى الرئاسة.
وجاءت فضيحة فيون لمصلحة المرشح الوسطي إيمانول ماكرون زعيم تيار “الى الأمام ” ووزير الاقتصاد السابق رغم أن شائعات قديمة – جديدة انتشرت حوله وتتهمه بأنه مثلي، وأنه كان يقيم علاقة عاطفية خارج نطاق الزواج مع الصحفي ماتيو غاليه، مدير إذاعة فرنسا، الذي سبق أن واجه اتهامات بوصوله إلى منصبه الحالي عن طريق علاقات مماثلة مع سياسيين آخرين.
وسخر ماكرون من تلك الشائعات، إذ قال أمام أنصاره، مازحا، إن زوجته تستغرب كيف يمكنه أن يطور هذه العلاقة السرية دون أن تعرف هي، كونها بجانبه في كل انشطته دائما.
اما مرشحة “الجبهة الوطنية” مارين لوبان وهي النائب في البرلمان الأوروبي عن مناطق شمال غرب فرنسا، فإنها تواجه فضيحة فساد خاصة بها، إذ اتهمها البرلمان الأوروبي باختلاس أموال خصصت لدفع مستحقات مساعديها “الوهميين”.
ويطالب البرلمان الأوروبي لوبان بإعادة مبلغ يزيد عن 300 ألف يورو باعتبار أن المرشحة الفرنسية أنفقتها بشكل غير قانوني. لكن “الجبهة الوطنية” تنفي كافة الاتهامات، وتعتبر أن هذه الفضيحة مصطنعة وجاءت نتيجة خلاف بين لوبان والرئيس السابق للبرلمان الأوروبي مارتين شولتس الذي ترشح مؤخرا لمنصب المستشار الألماني.
وكانت المهلة لإعادة الأموال قد انتهت في 1 شباط ) فبراير) 2017، لكن لوبان تصر على كون الاتهامات التي وجهها إليها شولتس عارية عن الصحة تماما.
وفيما يتعلق بمرشح الحزب الإشتراكي بنوا هامون فمشكلته أنه سبق له أن دخل في صراع حاد مع الرئيس فرانسوا هولاند ومع رئيس الوزراء السابق مانويل فالس بسبب النهج الاقتصادي “الليبرالي” الذي فرضه الاثنان على الحزب. واستقال هامون من الحكومة في 25 آب/اغسطس الماضي حيث كان يشغل منصب الوزير المعتمد للاقتصاد الاجتماعي والتضامني وللاستهلاك ثم وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي. وهذا يعني أن جزءاً من جمهور الحزب الإشتراكي قد يصوت ضده .
في ظل هذه الأجواء تجري الحملات الانتخابية في فرنسا دون ان يمتلك أي مرصد علمي توقعات مؤكدة حتى الأن بمن سيفوز بها لأن الشهران المتبقيان قد يحملان الكثير من المفاجأت ، ولأن هناك حديث عن تدخلات دولية في هذه الانتخابات مثلما قيل عن انتخابات الرئاسة الأميركية .