جديد المركز

الخادمات الأجنبيات .. ومستقبل أولادنا

أصبحت المملكة العربية السعودية ملتقى لعشرات الجنسيات غير العربية ممن ينتمي معظمهم الى دول نامية قصدوا بلادنا للعمل رغبة منهم في تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية .
وأغلبية هؤلاء كانوا يعيشون في دولهم في مناطق نائية بحيث لم تتوفر لهم ظروف اكمال دراستهم ولا فرص التعرف على التطورات التي أحدثتها ثورة الاتصالات والمواصلات .
فهم ليسوا بخبراء ، ولا فنيين ، ولا تقنيين ، ولا اصحاب تجربة غنية ومثمرة ، بل هم من القوى العاملة التي تعتمد على قوة السواعد أكثر مما تعتمد على قدرة العقل .
وطبعاً لا أقصد الإساءة الى هؤلاء الناس ، ولا أدعو الى وضع حواجز أمام طموحاتهم لأنه حقهم الطبيعي ، ولأن مملكتنا مهبط الإسلام ومرقد أشرف الخلق نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم ) الذي علمنا أن لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى ، وأن الناس سواسية كأسنان المشط .
ولكن بودي ان ألفت الانتباه الى مسألة هامة تتعلق بالخادمات الأجنبيات اللواتي نستوردهن من كل حدب وصوب بحيث بات لدى نحو 75 في المائة من العائلات السعوديات خادمة أجنبية أو اكثر مما رفع قيمة الإنفاق عليهن الى نحو 30 مليار ريال في السنة .
وتتراوح الرواتب ما بين 200 دولار وما بين 400 دولار شهرياً بحسب جنسية الخادمة ومستواها العلمي وخبراتها السابقة .
والمشكلة هنا ليست اقتصادية او مالية بل المشلكة هي اننا نسند للخادمات مهام القيام بتدبير المنزل وتجهيز الطعام وتربية الأطفال ومتابعة شؤونهم وتلبية متطلباتهم الى حد بتنا لا نعرف ما هو دورنا ودور زوجاتنا ، ونجهل ما هي طموحات اولادنا ، ولا متى يكونون بصحة تامة ولا متى يمرضون .. ويكفي ان حياتهم بين ايدي شخص غريب عنا قادر ان يتصرف بها كما يشاء .
وبتنا نلاحظ ان الأطفال لدينا يفضلون وجبات الطعام بحسب جنسية الخادمة ، ويبدأون بالنطق بلغتها ، ويقلدونها في حركاتها وتصرفاتها ، ولا يصغون إلا اليها ، ولا يستأنسون إلا بمجالستها لأن الوالد غائب في عمله والأم تعتبر العناية بالطفل من مهام الخادمة وضمن مسؤولياتها .
ونحن هنا لا نخسر فلوسنا لأن ما من خادمة مضطرة ان تعمل مجاناً خاصة وهي التي تخلت رغماً عنها عن بيتها وأهلها وأولادها ووطنها على امل ان تحقق الهجرة لها بعضاً مما عجزت عن تحقيقه في بلدها ، ولكن نحن بصدد ان نخسر أولادنا لأننا عندما عهدنا بهم الى ” الدادا ” منعنا انفسنا أن نعلمهم شيئاً من علمنا ، وأن نثقفهم ببعض مما اتى به نبينا ، وأن نعرَفهم بعاداتنا وتقاليدنا ، وأن نطلع منهم عما يحبون ويكرهون .
وأنا لا أدعو الى الاستغناء عن الخادمات ، ولا أطالب الدولة بأن تضع شروطاً معينة لاستجلابهن ، ولا أرغب بقطع الأرزاق لأنها من قطع الأعناق ، ولكن أطالب الأسر السعودية أن توكل للخادمة ما هو من شأنها وأن نبقى نتولى نحن ما هو من شأننا .. وأقله الاهتمام بأولادنا.