تمكنت القمة الخليجية الرابعة والثلاثون التي استضافتها الكويت يومي 10 و11 /12/2013 من رسم خارطة طريق حددت بموجبها الأطر العامة لتوجهاتها المستقبلية على مستوى العلاقات البينية ، كما كان لها رؤيتها الإستراتيجية الموحدة فيما يخص قضايا اقليمية ودولية هامة .
وكان البعض يراهن على تفسخ البيت الخليجي بسبب معارضة سلطنة عمان المقترح السعودي الرامي الى بناء اتحاد خليجي ، حيث هددت مسقط بالإنسحاب من مجلس التعاون في حال اقرار الأتحاد ، ولكن سرعان ما سقطت هذه المراهنات عندما ادرك اصحابها حجم التفاهم الكبير الذي ساد المناقشات اثناء القمة خاصة وأن ما اقترحته السعودية ليس ” مشروع وصاية ” ،كما روج بعض المغرضين ،لا بل كان مجرد اقتراح استكمالاً لمناقشة سابقة تمت عام 2011 حول نفس الموضوع ، كما انه تعبير عن طموح خليجي وليس فقط سعودي من منطلق ان التطور الحتمي لأي تكتل اقليمي ان ينتقل من مرحلة التعاون الى مرحلة الأتحاد .
ولهذا تم بهذا الشأن اتفاق الأطراف الخليجية على استكمال المشاورات والأفكار حول آليات هذا الاتحاد المتوقع إعادة صياغة بعض بنوده مستقبلاً. كما ناقش القادة مواضيع هامة أخرى مثل الإتحاد الجمركي والعملة الموحدة والتبادل التجاري والأمن ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى حقوق الإنسان ومشروع سكة الحديد والبيئة والتعليم والصحة.
واقرّ مجلس التعاون الخليجي في نهاية قمته إنشاء “قيادة عسكرية موحدة” “وكلف مجلس الدفاع المشترك باتخاذ ما يلزم من إجراءات للبدء في تفعيلها وفق الدراسات الخاصة بذلك”.
اما عن المواقف الأقليمية والدولية فقد اكدت القمة توافقاً كبيراً بين القادة على عكس ما ذهبت اليه الكثير من التحاليل خلال الأسابيع القليلة الماضية التي كانت ترى ان هناك تباعداً بين دول مجلس التعاون فيما يخص الملف النووي الإيراني والملف السوري وغيرهما .
وما الدليل على التوافق في المواقف إلا ما صدر عن القمة في خاتمة اعمالها حيث خص قادة مجلس التعاون الملف النووي الإيراني بمناقشات مستفيضة افضت الى الترحيب بالأتفاق الذي تم بين ايران ودول 5+1 داعياً إلى تنفيذ “دقيق” للاتفاق النووي بغية البدء بإزالة عوامل التوتر في المنطقة وإستعادة الثقة المفقودة بين ايران والمجتمع الدولي لما من شأن ذلك ان يخدم الإستقرار والأمن وأن يساهم في “توثيق علاقات التعاون بين دول المجلس وإيران على أسس حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة دول المنطقة”.
والدليل الأخر على التوافق هو من خلال الملف السوري حيث دعا قادة دول مجلس التعاون الى انسحاب «كافة القوات الاجنبية» من سوريا، مشددين على ضرورة الا يحظى اركان النظام السوري باي دور في مستقبل سوريا.وأكد القادة دعمهم “لقرار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري، المشاركة في مؤتمر جنيف 2 بما يؤدي الى تشكيل حكومة انتقالية سورية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة وفقا لبيان جنيف 1».
وأدان القادة الأعمال التي يرتكبها النظام السوري ضد الشعب السوري ودعا إلى تأمين دخول المساعدات الإنسانية من أجل صالح الشعب السوري ورفض «تسييس» النظام السوري للقضية الإنسانية في سوريا.
وفي ما يخص مصر، أكد القادة دعمهم للشعب المصري وخياراته الديموقراطية ووقوفهم إلى جانبه ودعم الاقتصاد المصري حتى تستعيد مصر دورها الريادي على الصعيد العربي والإقليمي .
وأنسحب التوافق على الملف الفلسطيني حيث رحب القادة بالجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لدعم مسيرة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بما يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وجدد رفضه الإجراءات الإسرائيلية التي تكرس حصار الشعب الفلسطيني وتعميق معاناته.
وأشاد البيان الختامي بمطالبة المملكة العربية السعودية بضرورة إصلاح مجلس الأمن بما يعزز دوره في حل القضايا على الصعيد الدولي .
وبذلك اكدت دول مجلس التعاون وحدة مرئياتها الأستراتيجية وأن تخلل ذلك اختلاف في بعض التفاصيل إلا انه لم ولن يصل الى حد الخلاف .