جديد المركز

الملف النووي الإيراني وأبعاده النفطية

بعد أن تم الاتفاق بين إيران ودول 5+1 على عقد اجتماع في بغداد كثرت التحليلات والتأويلات الإعلامية التي بدأت تفتش عن سيناريوهات محتملة من الممكن أن يتمخض عنها هذا الاجتماع.
ولكن، وكما هي العادة، انتهى الاجتماع دون التوصل إلى أي اتفاق، لأن وجهات النظر ما زالت متباعدة بين الطرفين. فالغرب يريد من إيران أن تقدم الضمانات التي تؤكد أن مشروعها النووي هو مشروع سلمي وليس له أي أبعاد عسكرية في وقت كشف مفتشو وكالة الطاقة الدولية عن عينات في منشآت تحت الجبال تؤكد أن التخصيب بلغ 23 في المائة، كما يريد الغرب أن يتوقف الإيرانيون عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة.
فيما إيران رأت في اجتماع بغداد أن هناك لائحة مطالب قدمها الغرب دون أن يقدم بالمقابل أي تنازلات خاصة فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وأن الغرب اكتفى بعرض مد إيران باحتياجاتها من قطع الغيار للطائرات المدنية.
وكانت وسائل الإعلام الدولية قد أبدت الكثير من التفاؤل باجتماع بغداد ولكن يبدو أن الأجواء لم تكن مناسبة لإجراء تسويات.
فحسب المراقبين والمحللين الدوليين أن إيران كانت تتطلع إلى تسوية من خلال رزمة من الملفات وعلى رأسها ملف النظام السوري التي توظف طهران كل جهودها من أجل حمايته وضمان استمراريته، والغرب يرى أن الوقت الآن غير مناسب لبحث مثل هذه القضايا حتى لا يتم استغلالها ضد الرئيس باراك أوباما في حملته الانتخابية لتجديد ولايته الرئاسية.
وذهب المراقبون إلى حد القول أن طهران مستعدة للتنازل عن أطماعها العسكرية بامتلاك قنبلة نووية لقاء أن يتم الإبقاء على بشار الأسد في السلطة، لأن القنبلة النووية تخلق لإيران نوعاً من «القدرة المعنوية» التي لا يمكن لها أن تستخدمها لأي سبب من الأسباب، بينما النظام السوري هو أقوى من القنبلة النووية في المشروع الإيراني الرامي إلى الهيمنة على المنطقة من خلال إقامة تكتل يشمل إيران والعراق وسوريا ولبنان.
وبما أن التوقيت وفق الروزنامة الغربية لم يكن مناسباً فقد كان من المتوقع إعلان وقف المفاوضات طالما أن كل الآمال التي بنيت على اجتماع بغداد قد تبددت، ولكن تدخلت روسيا في اللحظات الأخيرة وأصرت على ضرورة عدم الإعلان عن فشل المفاوضات، وعن استعدادها لاستقبال الاجتماع المقبل في موسكو، ليس حباً بإيجاد تسوية، هي أساساً غير جادة في الوصول إليها، بل لأن إعلان الفشل يعني ارتفاع أسعار النفط وما لهذا الأمر من انعكاسات دولية في ظل استمرار تداعيات الأزمة المالية.
ومن هنا بان أن الخوف من النفط دفع بالمتحاورين إلى الإدلاء بتصريحات إيجابية فيما في الحقيقة أن المفاوضات مازالت تراوح مكانها دون تحقيق أي تقدم يذكر.