كشفت وكالة الطاقة الدولية أن الولايات المتحدة ستصبح العام المقبل أكبر منتج للنفط في العالم، متفوقة على روسيا بفضل ازدهار إنتاجها من النفط الصخري الذي غيّر المشهد العالمي للطاقة.
وسجل الإنتاج الأمريكي خصوصاً ارتفاعاً كبيراً إلى مستويات لم تسجل من قبل منذ عقود، وبلغ إنتاج النفط الخام في هذا البلد 7.56 مليون برميل يومياً، حسب الوكالة ، أي بزيادة 1.2 مليون برميل عن الإنتاج من قبل. ومن المتوقع أن يصل قريباً الى 10 ملايين برميل يومياً .
هذه المعلومات شكلت مادة دسمة للكثيرين من المحللين الذين بنوا على أساسها تحليلات ذات أبعاد استراتيجية تفيد أن الخاسر الأكبر ستكون المملكة العربية السعودية ، وأن هذا بتقديرهم ما يفسر سوء العلاقة الأمريكية – السعودية حالياً بشأن العديد من الملفات ذات الاهتمام الإقليمي والدولي .
ويذهب البعض الى أبعد من ذلك عندما يعتبر أن واشنطن لم تعد مهتمة بمنطقة الشرق الأوسط وأن أنظارها تتجه الى ما يجري في شرق آسيا حيث التمدد الصيني على أوجه .
ولكن الوقائع تؤكد أن أصحاب هذه التحليلات يفتقدون للدقة بدليل أن المؤشرات الاقتصادية توضح أن حاجة الصين الى النفط تتزايد يومياً وكذلك حال الهند والدول الصاعدة الأخرى ، وأن أوروبا باتت على أبواب الخروج من أزماتها المالية والاتجاه نحو تصاعد مستويات النمو الأمر الذي يستوجب اقبالاً على شراء النفط واستهلاكه لإعادة تفعيل عجلة الإنتاج بعد مرحلة طويلة من الركود .
وهذا ما أكدته دراسات مختصة صادرة عن منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بقولها إن الطلب على نفطها سيستمر رغم طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة.
وأبلغ عبد الله البدري الأمين العام للمنظمة الصحفيين خلال مؤتمر لقطاع الطاقة في موسكو ان “النفط المحكم كما نسميه سيكون إضافة جديدة للمعروض … لكن لن يؤثر على أوبك.
ويضاف الى ذلك أمر آخر وهو أن أمريكا قد تتوقف عن استيراد النفط العربي ولكن شركاتها النفطية الضخمة وذات الرساميل الكبيرة جداً لن تتوقف عن الاستثمار في مجال النفط في الشرق الأوسط ، وأن واشنطن معنية بحماية مصالح هذه الشركات من خلال عدم إدارة الظهر لهذه المنطقة ومن خلال إيلائها الاهتمام الدائم مع ما يستدعي ذلك من السعي للحفاظ على أمنها واستقرارها .
والنفط ليس المادة الوحيدة التي كانت تبرر الاهتمام الأمريكي بالمنطقة العربية بل هناك أمور أخرى تتعلق بالأسواق العربية وقدراتها الاستهلاكية لكثير من السلع ناهيكم عن المسائل السياسية والأمنية والجيوإستراتيجية.
ومن هنا فإن ربط النفط الصخري الأمريكي بالسياسة هو في غير محله كما ان ربط النفط الأمريكي بمستويات انتاج النفط السعودي نوع من الوهم أو لنقل نوع من الرهانات المشبوهة .