ويبدو ان ما جرى في تركيا لم تستسغه كثيراً الدول الأوروبية فتفاوتت لديها ردود الأفعال بين من أعتبر أن ما حصل شأن داخلي تركي مثل (ألمانيا وفرنسا وروسيا واليونان) ، فيما قال وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورز أن الاستفتاء التركي يجب أن يقود الاتحاد الأوروبي إلى وقف انضمام تركيا إلى الاتحاد، مشيرا إلى أن النتائج أظهرت صورة “بلد منقسم”.
وجاء الموقف النمساوي المتشدد تبعاً لما اعلنه رئيس لجنة المراقبين عن البرلمان التابع لمجلس أوروبا سيزار فلوران بريدا من إن الاستفتاء الذي أجري في تركيا لم يحترم كل المعايير الدولية. وأن تغيير طريقة عدّ الأوراق أزال وسيلة مهمة كان من شأنها ضمان عدم وجود عمليات غش.
وتابع أن “حملة الاستفتاء جرت بشكل غير متكافئ، كما أن الفرص لم تكن متساوية للطرفين”، مضيفا أن إجراء الاستفتاء في ظل حالة الطوارئ التي أعقبت المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو/تموز الماضي، يعد “انتهاكا للحرية الأساسية”.
اما عن ردود الأفعال الدولية الأخرى فقد جاءت مهنئة من قبل أميركا وعدد من الدول العربية والغربية .
ولكن ماذا ما بعد انجاز هذا الإستحقاق ؟
بحسب المراقبين المختصين بالشأن التركي فإن ما جرى قد يكون له انعكاسات سلبية على مستقبل تركيا السياسي والإقتصادي للأسباب التالية :
1- منحت التعديلات الدستورية صلاحيات شبه مطلقة للرئيس الى حد وضعته خارج إطار أي محاسبة جدية ، وركزت بين يديه كل السلطات دون أي دور للمجلس النيابي أو لأي هيئات رقابية أخرى ممن يعني ان تركيا ستخضع لنظام رئاسي فريد من نوعه على مستوى الكرة الأرضية .
2- من شأن التعديلات الدستورية ان تعطي للأوروبيين ذرائع اضافية لمنع تركيا من الأنضمام الى الأتحاد الأوروبي بحجة أن الحكم بات تحت سيطرة الحزب الواحد ، وأن السلطات باتت بيد الرئيس مما يعني مخالفة كبيرة للأصول الديمقراطية المعمول بها عالمياً .
3- من خلال نتائج الإستفتاء يتبين ان نصف الشعب تقريباً ضد التعديلات والنصف الأخر مؤيد لها وهذا الأمر من شأنه ان يخلق شرخ كبير سيزداد حدة مع مرور الأيام .
4- نتائج التصويت في اكبر المدن التركية مثل (اسطنبول وأنقرة وأزمير وأضنة) كانت ضد التعديلات الدستورية وهذا سيحمل معه خلافات ديموغرافية ليس بالأمر اليسير تجاوزها .
5- من المتوقع ان تقوى شوكة المعارضة التركية وأن تذهب الى المزيد من التحالفات بينها بمواجهة حزب (العدالة والتنمية ) خاصة وأن حوالي نصف الأتراك كانوا ضد التعديلات .
6- من المرجح ان تلقى المعارضة التركية دعماً استثنائياً من دول اوروبية وخاصة من فرنسا في حال فوز المرشح للرئاسة ايمانويل ماكرون الذي ادلى مؤخراً بتصريح أكد فيه إنه “لا يجب أن يؤدي الاستفتاء التركي إلى السيطرة الكاملة على السلطة، وفي حال انتخابي رئيسا، سأمد يدي إلى كل الناس الذين يؤمنون بالديمقراطية”.