جديد المركز

سورية : أزمة مفتوحة للاستنزاف

ثمانية أشهر مضت والأزمة السورية تراوح مكانها حيث لم يستطع النظام ان يقضي على حركات الثوار رغم استخدامه آلته العسكرية الضخمة ، كما لم تتمكن المعارضة من توحيد صفوفها وصياغة خطة عمل واضحة لمرحلة ما بعد إسقاط النظام .

ويبدو أن هذه الأزمة ستطول بعض الشيء رغم ان الكثيرين من قادة دوليين وغربيين وضعوا توقعات عن قرب انتهاء الأزمة ولكن لن تصح هذه التوقعات التي يتم ترديدها منذ بداية شهر رمضان المنصرم .

ويعود السبب الى عدة عوامل اهمها :

– كان الرهان على الوضع الاقتصادي بحيث بادرت دول غربية الى فرض عقوبات على شركات ورجال أعمال ومسؤولين رسميين سوريين ، وعلى مصارف ، كما تم حجز أموال مودعة في الخارج ، ولكن قللت السلطات السورية من حجم المضاعفات عبر لجوئها الى تجميد ارصدة المودعين ، وتحديد السقف الأعلى لسعر صرف الدولار الأميركي ، ومنعت التحويلات الى الخارج. ويضاف الى ذلك عامل هام وهو إقدام ايران والعراق على فتح حدودهما امام البضائع السورية بعد تخفيض قيمة الضرائب عليها ، إضافة الى تقديم دعم مالي مباشر الى النظام السوري بحيث يتردد ان طهران تدفع شهرياً نحو 600 مليون دولار .

-كان الرهان على انشقاق الجيش السوري ولكن تبين ان النظام قد وضع على رأس الأولوية والفرق والكتائب مقربين منه بما يحول دون خروج أعداد كبيرة من الضباط والجنود بأسلحتهم ومدرعاتهم وعتادهم الثقيلة رغم تسجيل انشقاق آلاف محدودة والذين ينشطون اليوم باسم « الجيش السوري الحر» .

– كان الرهان على خروج الآلاف من السوريين الى الشوارع اسوة بما حصل في تونس ومصر وليبيا ولكن القبضة الحديدية التي استخدمها النظام ، وما يزال يستخدمها ، حالت دون تحقيق المراد حيث تملّك الخوف الكثير من المعترضين والمعارضين. يضاف الى ذلك لجوء النظام الى الاستعانة بالشارع لإظهار مدى قوته معتمداً في ذلك على مناصريه من حزب البعث ، وعلى عائلات الأجهزة الأمنية ، وعلى المنتفعين من السلطة ، وعلى اصحاب المصالح والمنافع الضيقة .

 – كان الرهان على العرب ان يتخذوا موقفاً موحداً مما يحصل في سورية أسوة بما فعلوا مع ليبيا ولكن تبين ان ما اتخذه العرب من قرارات بقي حتى الآن حبراً على ورق بسبب عدم امتلاك جامعة الدول العربية آليات تنفيذية ، ولأن بعض العرب يقولون شيئاً في العلن وشيئاً آخر في السر .

– كان الرهان على المجتمع الدولي أن يوحد موقفه وأن يتحدث بصوت واحد في مجلس الأمن ولكن تبيّن ان الصين وروسيا تريدان ان تعوضا في سورية ما خسرتاه في مصر وتونس وليبيا ، وهذا ما جعل مجلس الأمن عاجزاً عن اتخاذ أي قرار ، كما لم تنفع كل الاتصالات التي جرت مع بكين وموسكو .

– كان المفترض ان تبقى حركة المعارضة في إطارها السلمي ولكن دخلت على الخط اطراف مسلحة لديها أجندة خاصة بها كما عمدت جهات أخرى الى التعامل مع الأزمة السورية بخلفية مذهبية وطائفية الأمر الذي أساء الى الثورة أكثر مما خدمها .

– امتلاك دمشق عدة اوراق مع حزب الله وحلفائه في لبنان ، وحركة حماس في غزة ، ومع اطراف عراقية ، ومع انفصاليين اكراد في تركيا ، ومع جهات يمنية .. كل ذلك جعل أزمة سورية متشعبة ومعقدة وذات مخاطر إقليمية ودولية متعددة .

وعليه فهل ستحصل قريباً مفاجأة ما تضع حداً نهائياً لهذه الأزمة أم ستتحول الى أزمة مفتوحة تستنزف السلطة ومعارضيها ..؟ .