مرت الولايات المتحدة الأميركية خلال الأسابيع القليلة الماضية بأزمة مالية خطيرة نتيجة خلاف بين أعضاء مجلس الشيوخ على الموازنة التي وضعتها إدارة الرئيس باراك أوباما .
وبدأ القلق يتسرب الى نفوس الدول الصناعية الكبرى والى المؤسسات المالية العالمية والى الهيئات الدولية المعنية بالسياسة النقدية مخافة أن تعجز الولايات المتحدة الأميركية عن دفع ديونها المستحقة بموجب سندات خزينة أو أن تتوقف عن توفير الدعم اللازم للدولار خاصة وأنه العملة الأكثر اعتماداً على المستوى العالمي أو ان تواجه الإدارة الأميركية اعتراضاً على رفع سقف مديونيتها التي وصلت حتى الآن الى أكثر من 16 تريليون دولار .
ولكن سرعان ما تبددت هذه الهواجس حيث وافق الكونغرس الأميركي على موازنة مؤقتة أعادت للعالم الثقة كما ضمنت لنحو 800 ألف موظف حكومي أميركي قبض رواتبهم المستحقة.
ولكن هذا الأمر لم يمنع بعض الخبراء الاقتصاديين والماليين العرب وعلى رأسهم حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامه من إطلاق صرخة حذر بموجبها من مخاطر عدم اتفاق العرب على اصدار عملة موحدة مقبولة عالمياً لدرء خطر الانهيار الاقتصادي مع كل أزمة، معتبراً أن أزمة عام 2008 أنهت عصر تخلي الحكومات عن دورها في مؤسسات القطاع الخاص.
وبرأي سلامة أن الأزمة المالية العالمية “أظهرت أهمية أن تكون للدول عملات مطلوبة دولياً” كما رأى “إن غياب عملة عربية موحدة مقبولة دولياً لأن هناك حاجة إليها، يجعل الدول العربية وبالأخص الدول غير النفطية معرضة للانهيار الاقتصادي والتراجع الاجتماعي لدى كل أزمة مهمة.”
فغياب العملة العربية يحد من التجارة البينية العربية ومن تحرك الرساميل ضمن المنطقة العربية بغاية الاستثمار، وله تأثير سلبي على تطوير أسواق رأس المال وعلى التوسع بالسياسات الاجتماعية التي تكافح الفقر .
وبما أن دول مجلس التعاون الخليجي هي الأقوى اقتصادياً والتي تمتلك قدرات وإمكانيات كبيرة تتفوق بها على الدول العربية الأخرى فالأحرى بها ان تكون السباقة لإقرار العملة العربية الموحدة فيما بينها كبداية على أن يتم تعميمها على سائر الدول العربية الأخرى فيما بعد مثلما هو حال الاتحاد الأوروبي الذي اقر عملة موحدة اعتمدته بعض الدول فيما لا تزال دول أخرى خارج منظومته .
وبإمكان دول الخليج أيضاً اعادة إحياء مساعيها الرامية الى اعتماد عملة خاصة بها قابلة للتداول عربياً ودولياً مثلما هو حال الين الياباني أو الجنيه الأسترليني.
المهم ان يتم التفلت من ربط الاقتصاد العربي بشكل عام والاقتصاد الخليجي بشكل خاص بتقلبات الدولار لأن المستقبل المالي الأميركي لا يبشر بالخير .