جديد المركز

فضيحة ستروس – كان تعزز فرص ساركوزي بالفوز بولاية رئاسية ثانية

بعد أقل من أسبوع على توقيف مدير عام صندوق النقد الدولي «السابق»، الفرنسي دومينيك ستروس – كان بتهمة الاعتداء الجنسي، بدأت آثار «الفضيحة» في الظهور على المشهد السياسي الفرنسي، وذلك من زاويتين: خلط الأوراق داخل الحزب الاشتراكي الذي كان ستروس – كان مرشحه الأفضل وغير المعلن للانتخابات الرئاسية ربيع العام القادم، وبداية تحول في موازين القوى بين اليمين واليسار وحظوظ الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي في الفوز بولاية ثانية. وتتبدى هذه الظاهرة عبر استطلاعات الرأي التي أجريت في الأيام القليلة الماضية وآخرها الاستطلاع الذي أجري لصالح صحيفة «لوموند» وإذاعة فرنسا،. ويبين الاستطلاع وللمرة الأولى منذ شهور أن الرئيس ساركوزي سيخرج فائزا من المنافسة الانتخابية في الدورة الثانية مهما يكن خصمه الاشتراكي بينما كانت الاستطلاعات السابقة تتوقع هزيمته أمام كافة المرشحين الاشتراكيين باستثناء المرشحة الرئاسية السابقة سيغولين رويال، رفيقة درب فرنسوا هولند السابقة ووالدة أولاده. وهذا التحول مرتبط مباشرة بفضيحة ستروس – كان التي لم تصب صورته فقط كرجل دولة مؤهل لقيادة بلد من 65 مليون نسمة أو لمدير ناجح وفاعل لصندوق النقد الدولي بل انعكست على صورة الحزب الاشتراكي الذي يجعل «المناقبية» و«الأخلاق» إحدى ركائز عمله السياسي بعكس اليمين المهووس بالمال والمحاط بالفضائح من كل نوع. ومن هذه الزاوية، فإن ساركوزي هو المستفيد الأول والمباشر من خروج ستروس – كان من السباق. وبعد أن كان ساركوزي قد دعم ترشيح ستروس – كان لترؤس صندوق النقد الدولي ووفر له إمكانيات فرنسا للفوز بهذا المنصب الاستراتيجي في النظام المالي والاقتصادي العالمي، فها هو يجني ثمرة سقوطه التي تأتيه يانعة ومن غير أي جهد. وكان ستروس – كان نجم كل استطلاعات الرأي يمينا ويسارا لا بل إنه كان سيفوز بالانتخابات الرئاسية بسهولة لا مثيل لها إلى حد أنه كان «سيسحق» ساركوزي (55% مقابل 45% للرئيس الحالي). وكانت صفوف اليمين عرفت بعض التململ والتساؤلات بخصوص البحث عن مرشح بديل للرئيس الحالي الذي هبطت شعبيته بشكل لم تعرفه الجمهورية الفرنسية الخامسة. أما في المعسكر الاشتراكي، فإن غياب ستروس – كان أفاد بالدرجة الأولى المرشح فرنسوا هولند، الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي. ويبين الاستطلاع المذكور أنه يتقدم كل المرشحين الاشتراكيين في عدد الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها في مواجهة ساركوزي في الدورة الأولى. وهكذا فإن هولند يمكن أن يحصل على 29% ومارتين أوبري، أمينة عام الحزب الحالية، على 27% بينما لا تعلو نسبة أصوات سيغولين رويال على 16%. وبالنسبة لساركوزي، فإن أعلى نسبة تأييد له (21%) كانت في حال تنافسه مع أوبري، لكنها تراجعت إلى 19% إذا كان منافسه هولند. وكان ستروس – كان ومارتين أوبري، ابنة رئيس المفوضية الأوروبية الأسبق جاك ديلور قد عقدا تفاهما يقضي بألا يترشح أحدهما بوجه الآخر. غير أن سقوط مدير عام صندوق النقد سابقا يفتح الباب أمام أوبري التي لا تجمعها بهولند علاقة جيدة. ودعت مجموعة من النواب أوبري إلى إعلان ترشحها سريعا وحمل المشعل الذي هوى من يدي ستروس – كان. ويبدو المراقبون متفقون على أن التنافس الفعلي داخل الحزب الاشتراكي سيكون بين هولند وأوبري مع تقدم واضح، حتى الآن، للأول، إذ إن هولند أعلن ترشيحه في مارس (آذار) الماضي وهو يحرث فرنسا بالطول والعرض في حملة انتخابية منظمة وناجحة حتى الآن. وسيكون على المحازبين الاشتراكيين الفصل بين المرشحين وغيرهم مطلع الخريف القادم فيما تركيز إدارة الحزب حاليا منصب على عرض برنامج الاشتراكيين والإصلاحات التي يريدونها للسنوات القادمة. تبقى مسألة ترشح مارين لوبن، زعيمة اليمين المتطرف التي تحلم بإنجاز ما حققه والدها عام 2002 حين نجح في الوصول إلى الدورة الثانية بعد تقدمه على المرشح الاشتراكي ليونيل جوسبان. وكانت مارين لوبن، حتى الآن، تشكل خطرا على ساركوزي. لكن تغير المعطيات يمكن أن يغير نتائج اللعبة التي لا شك أن تغييب ستروس – كان سيؤثر عليها بشكل جذري لا يمكن الحكم على مداه مباشرة بل يتعين انتظار بعض الوقت لمعرفة الوجهة التي سيسلكها الرأي العام والمصير القضائي لستروس – كان .