بعد ان تحولت الكرة الأرضية الى ما يشبه القرية الكونية بفضل ثورة الاتصالات والمواصلات التي شهد بداياتها القرن العشرون وكرس أهميتها القرن الواحد والعشرون لم يعد من مكان للأنشطة الاقتصادية الفردية التي كانت بعض الدول تحتل صدارتها في الماضي ، بل أصبح الحاضر والمستقبل ملك التكتلات الاقتصادية العالمية حيث تتكامل وسائل الإنتاج وأدواته وتخترق سلعه كافة الأسواق دون تأشيرة متخطية كل الحواجز الجغرافية .
وبات التخطيط لأي دولة يأتي في سياق التوجه الدولي العام لكي يحقق الغاية المنشودة لأنه اصبح محكوماً بصيرورته وبعالميته ، ولأن الانعزال والتقوقع ليسا سوى بداية النهاية لأي كيان مهما كانت امكانياته وطاقاته، ولأنه بات لزاماً على كل دولة ان تكون جزءاً من مكون اقليمي أو دولي .
ولذلك نشأ الاتحاد الأوروبي ، وآسيان ، والنافتا ، ومنظمة شنغهاي ، ومجلس التعاون الخليجي ومنظومة الدول الثماني والدول العشرون وسائر الكتل الإقليمية والدولية الأخرى .
ومن ضمن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها كان بيان قادة مجموعة العشرين والذي ينادى بضرورة التوصل إلى اتفاقية بخصوص التسهيلات التجارية بحلول المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في شهر ديسمبر المقبل. حيث أنه من شأن هذه الاتفاقية زيادة الناتج الإجمالي المحلي العالمي بمقدار 960 مليار دولار سنويا وتحقيق مكاسب تبلغ تريليون دولار أمريكي في الصادرات الدولية وبالتالي خلق 21 مليون وظيفة جديدة .
وجاءت قرارات العام الجاري لتضاف الى انجازات العام المنصرم بخصوص قطاع الأعمال والتمويل التجاري وسياسات الحماية التجارية والضرائب ومحاربة الفساد وغيرها من المعايير الأساسية لأجندة الأعمال الدولية.
كما ان اعتراف مجموعة العشرين بضرورة تحقيق التوافق بين أساسيات منظمة التجارة العالمية والاتفاقيات التجارية الإقليمية وقوانين أنظمة التجارة المتعددة الأطراف يوفر دعماً قيادياً مهماً للشركاء التجاريين في العالم خاصة مع ظهور اتفاقيات تجارية تفضيلية بين كبرى التكتلات التجارية وفي ظل تزايد اعتماد قطاع الأعمال على سلاسل التوريد الدولية فيما يتعلق بتنظيم أعماله.
يضاف الى ذلك فإن تفويض مجموعة العشرين للجنة بازل للإشراف المصرفي (BCBS) يمكن تعزيزه عبر تضمين تقارير لآثار المعايير المصرفية على التمويل التجاري وذلك لتفادي الحد من توافر التمويل التجاري واستقراره واستدامته. كما أن زيادة توافر التمويل التجاري بنسبة 5% بإمكانه زيادة الإنتاج الدولي وخلق الوظائف بنسبة 2%.
وطالبت الدراسة باسم غرفة التجارة الدولية باستكمال الحوار بين مجموعة العشرين لمكافحة الفساد ومجموعة أعمال العشرين المختصة بنفس الغرض كوسيلة للحد من التحديات المترسبة. كما أن تنفيذ توصيات قطاع أعمال العشرين بإمكانه استئصال ما يقارب تريليون دولار أمريكي من الرشاوى وزيادة مقدارها 1% في النمو الاقتصادي في الدول النامية وارتفاع بنسبة 5% في الاستثمارات.
ورحبت الدراسة بتبني مجموعة العشرين لخطة عمل التعاون والتنمية الاقتصادية والتي تتعلق بمعالجة تآكل قاعدة وتوزيع الربح. حيث أنه فيما تمضي مجموعة العشرين قدما بتنفيذ أعمالها فإن غرفة التجارة الدولية تحث على التشاور الوثيق مع مجتمع الأعمال وذلك من أجل تطوير نظام ضرائب دولي يعزز الشفافية وتوحيد معايير التعامل مع الاستثمارات الأجنبية ويزيل العوائق التي تواجه التجار والمستثمرين.
وأعتبرت الدراسة ان التفويض الممدد لمجموعة عمل الطاقة المستدامة التابعة لمجموعة العشرين هو خطوة مهمة لمعالجة المجموعة لتحديات التنمية المستدامة عبر الحدود والطاقة النظيفة والكفاءة. كما يجب على مجموعة العشرين أن تحرص على معالجة التوصيات المكررة بخصوص كفاءة الطاقة خاصة لدورها الهام كمحفز لإنعاش الاستثمارات وتقليل التسربات الاقتصادية الناتجة عن الاستهلاك غير الفعال للطاقة. حيث أنه من شأن التحسن في الاستهلاك الفعال للطاقة أن يولد تريليون دولار أمريكي سنويا في توفير تكاليف الطاقة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وحدها.