للمرة السادسة خلال ثلاثة اشهر يزور وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية جون كيري منطقة الشرق الأوسط على امل اعادة اطلاق مفاوضات السلام بين اسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية التي توقفت منذ العام 2010 .
وبدا بنتيجة المفاوضات التي اجراها كيري مع الرئيس محمود عباس ومع وفد جامعة الدول العربية في الأردن ،والتي شملت ايضاً الملك عبدالله الثاني، انه متفائل بإمكانية عودة المفاوضات معتبراً انه تم تضييق الهوة بين الطرفين من دون ان يكشف عن أي تفاصيل .
وأوضح بقوله ان لديه مقترحات عدة”، الا انه يفضل ان يبقى العمل في هذا المجال “سرياً وهادئاً لضمان نجاح هذه المساعي”. ولاحظ كيري ان “المبادرة العربية على اهميتها لم تلق ما تستحق”، وشدد على ان “اسرائيل في حاجة الى انعام النظر في مبادرة السلام”.
وقال كيري ان “اسرائيل تحتاج لإمعان النظر في هذه المبادرة التي وعدت إسرائيل بالسلام مع 22 دولة عربية و35 دولة اسلامية أي 57 دولة إجمالا تنتظر إمكانية تحقيق السلام مع إسرائيل”.
وهذا يعني ان واشنطن تعتمد من اجل اعادة إحياء المفاوضات على مبادرة السلام العربية التي تم اعلانها في بيروت عام 2002 كما تعتمد على ما اعلنته مبادرة عربية أخرى قبل اشهر قليلة بشأن القبول بتبادل اراضي بين اسرائيل والفلسطينيين .
ولهذا تعهد كيري للفلسطينيين بأن تكون المفاوضات على اساس حدود عام 1967 دون صدور أي موقف اسرائيلي واضح بهذا الشأن ، وتعهد لإسرائيل بإعتراف الفلسطينيين بها كدولة يهودية دون ان يصدر أي موقف فلسطيني يؤيد ذلك .
وإضافة الى ذلك حمل كيري معه الجزرة والعصا في مناقشاته مع الفلسطينيين؛ فبينما وعد الرئيس عباس بوضع ثقله وراء تعهداته السابقة بالضغط من أجل الإفراج عن 100 سجين فلسطينيي من فترة ما قبل اتفاقات أوسلو (1993) وتجميد الاستيطان في البؤر النائية، فإنه لوح بقطع المساعدات الأميركية البالغة 500 مليون دولار سنوياً للسلطة الفلسطينية في حال إمعان الفلسطينيين على التعنت بالمطالبة بوقف الاستيطان والإفراج عن كافة المعتقلين الفلسطينيين كشرط مسبق للخوض بالمفاوضات المباشرة .
وحمل معه بالمقابل الى الإسرائيليين ايضاً العصى الأوروبية والجزرة الأميركية : العصا الأوروبية هي ما اعلنته المفوضية الأوروبية بمنع تقديم أو تمويل أو تعاون أو منح للأبحاث أو تقديم جوائز للجهات الموجودة في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وبموجب التعليمات التي عممها الاتحاد الأوروبي على الدول الأعضاء فيه، فإن أي اتفاق يتم التوقيع عليه في المستقبل مع إسرائيل يجب أن يشمل بنداً ينص على أن المستوطنات ليست جزءا من دولة إسرائيل ولذلك فإنها ليست جزءا من الاتفاق.
والجزرة الأميركية وهي الضغط على الفلسطينيين للأعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ، ومساندة موقف تل ابيب لعدم الإفراج عن المعتقلين الفلسطييين دفعة واحدة ، وتأييدها لجهة احتفاظها بما اقامته من مستوطنات لقاء تبادل للأراضي ، والضغط من اجل منع منظمة التحرير من الذهاب الى الأمم المتحدة واستكمال تدويل الحقوق الوطنية الفلسطينية بالانضمام لمحكمة الجنايات الدولية، والعدل الدولية،ومجلس حقوق الانسان للأمم المتحدة والمؤسسات الأممية الاخرى البالغ عددها (63) مؤسسة.
ولوحظ ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يعلن أي موقف من الوساطة الأميركية فيما تولى الجانب الفلسطيني تشكيل لجنة لدراسة المبادرة الأميركية .
وكما لدى اسرائيل اطراف ترفض كل اشكال التفاوض طمعاً بقضم وهضم كل فلسطين ، فإن لدى الفلسطينيين اطراف ترفض التفاوض دون مرجعية واضحة مع تشكيكها اصلاً بنزاهة موقف واشنطن .
فقد مصدر مسؤول في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين انه يرفض صيغة المفاوضات القديمة بدون مرجعية حدود 1967، وبدون الوقف الكامل للاستيطان محذراً من الوقوع في “فخ المناورات والرسائل الأمريكية”.
ومن جهتها اعلنت حركة “حماس” ان عودة المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية “يمثل خروجا عن الموقف الوطني”.وقال سامي أبو زهري الناطق باسم “حماس” في بيان صحافي “تؤكد الحركة رفضها لعودة السلطة إلى المفاوضات مع الاحتلال، وتعتبر ان ذلك يمثل خروجا عن الموقف الوطني وأن المستفيد الوحيد هو الاحتلال الذي يستخدم ذلك غطاء لجرائم الاستيطان والتهويد”.