من يراقب تطورات الأحداث في لبنان حالياً يستشعر بسهولة ان هناك اجواء حرب اهلية تخيم عليه بسبب الخلافات المذهبية والسياسية الحادة ، والشرخ الكبير بين اطيافه السياسية ، وبسبب موجة الأغتيالات والتفجيرات التي تجتاحه .
فبعد التفجيرات التي استهدفت الضاحية الجنوبية من بيروت ، وتلك التي استهدفت مسجدين في طرابلس .. وبعد السيارة المفخخة التي استهدفت موقعاً لحزب الله قرب بعلبك ، والمواجهات التي جرت بين الجيش اللبناني وعناصر متطرفة في صيدا .. وبعد اغتيال القيادي العسكري في حزب الله حسان اللقيس كان لبنان على موعد صباح الجمعة 27/12/2013 مع اغتيال الوزير الأسبق مستشار رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري، الدكتور محمد شطح بواسطة سيارة انفجرت مقابل “بنك عودة ” في ستاركو في وسط بيروت .
وسبق للقوى الأمنية ان كشفت عن عدد كبير من السيارات المفخخة كما نشرت معلومات عن سيارات أخرى مرجح لها ان تستهدف مسؤولين رسميين وقادة سياسيين وتجمعات حزبية وشعبية من كل الطوائف وفي كل المناطق على السواء .
وبما ان الشرخ بات كبيراً جداً بين الأطراف اللبنانية التي تنتمي الى محورين اقليميين ودوليين متباعدين فإن أي جهة يستهدفها أي عمل تخريبي تعمد فوراً الى اتهام الطرف الأخر بأنه إما ان له ضلع في ذلك وإما انه يوفر المناخ الملائم للفاعل الحقيقي الذي غالباً ما يبقى مجهولاً .
والخلافات لا تأخذ بُعداً سياسياً فقط بل تأخذ ايضاً بُعداً طائفياً ومذهبياً مما يعني ان الأنقسام بين اللبنانيين بات افقياً وعامودياً .
ويترافق ذلك مع عدم الأتفاق على عقد أي أجتماع لمجلس النواب ، ومع عدم الأتفاق على عقد جلسة للحكومة المستقيلة برئاسة نجيب ميقاتي ، ومع عدم التوافق على تشكيل حكومة جديدة بعد ان تم تكليف النائب تمام سلام بذلك منذ عدة اشهر ..
كما يترافق كل ذلك مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس الحالي للجمهورية ميشال سليمان حيث من المفترض انتخاب رئيس جديد بدلاً منه خلال الفترة الممتدة من 25 مارس / اذار الى 24مايو / ايار 2014 .
ويتزامن هذا الواقع مع شلل كامل في عمل مؤسسات الدولة وفي انعدام الدور الفاعل للقوى الأمنية ، وفي ظل انتشار السلاح بين ايدي اللبنانيين من سائر الطوائف وفي كافة المناطق .
تضاف الى ذلك تداعيات الأزمة السورية بكل تعقيداتها وتشعباتها وما لها من امتدادات الى الداخل اللبناني ، او بالأحرى لما بات للبنانيين من باع في تفاصيل الأزمة السورية .
ومن الطبيعي ايضاً ان يكون للخلافات الأقليمية والدولية ممراً في لبنان الى حد بات هذا البلد برأي الكثيرين من المحللين صندوق بريد تمر عبره الرسائل .
والمؤسف ان لا اللبنانيين قادرين على حل ازماتهم بأنفسهم ولا أي قوة اقليمية او دولية بادرت حتى الأن الى التوسط للتفتيش عن حل مناسب لأن الجميع يرهن الأوضاع في لبنان بما ستؤول اليه المفاوضات التي ستجري بشأن سوريا في جنيف – 2 .
وبإنتظار ذلك ليس من المبالغة القول ان لبنان يرقد الأن على برميل بارود وأن أي شرارة كفيلة بإحراقه من خلال نشوب حرب اهلية ذات ابعاد مذهبية خاصة وأن كل الظروف باتت مهيأة لتوريط اللبنانيين في هذه المحرقة .