جديد المركز

مسيحيو الشرق بمواجهة التهجير

يبدو ان هناك مخطط ما يستهدف تهجير المسيحيين من منطقة الشرق الأوسط دون الوضوح في الأسباب المباشرة التي تكمن وراء هذا المخطط سوى العودة لتذكر ما سعى اليه وزير خارجية اميركا هنري كيسنجر عام 1973 عندما كان يريد ترحيل المسيحيين من لبنان الى كندا وأوروبا وتوطين الفلسطينيين مكانهم . والفارق اليوم ان مسيحيي لبنان ليس فقط المستهدفين بل كل المسيحيين الموجودين في العالم العربي والذين يبلغ عددهم حسب احصاءات غير رسمية نحو 15 مليون نسمة موزعين بشكل اساسي في مصر حيث تعدادهم نحو 10 % من اجمالي السكان ، وفي العراق ونسبتهم 3 % ، وفي لبنان ونسبتهم 39 % ، وفي سورية ونسبتهم 16 % أضافة الى فلسطين والأردن ودول مجلس التعاون ودول المغرب العربي والسودان . ومعلوم ان مسيحيي الشرق هم من بناة هذه المنطقة ومن المتجذرين فيها ولكن عدة عوامل دفعت باكثريتهم الى الهجرة ، منها على سبيل المثال الأزمات الإقتصادية والإجتماعية التي سادت قبل وبعد الحرب العالمية الأولى حيث هاجر نتيجتها الاف المسيحيين من بلاد الشام الى اميركا اللاتينية والشمالية ، وجاءت النكبة وأحتلال فلسطين على ايدي الحركة الصهيونية وما نتج عن ذلك من تهجير مبرمج للمسيحيين الفلسطينيين من ارض المسيح ، وكانت الحرب التي دارت لسنوات طويلة بين شمال السودان المسلم وجنوبه المسيحي والتي أنتهت بتقسيم هذا البلد ، ثم كانت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 ، وبعدها احتلال العراق من قبل القوات الأميركية التي سمحت بإستهداف المسيحيين في العراق على ايدي قوى متطرفة عملت على تفجير نحو 50 كنيسة وقتل مطارنة وقساوسة ، ومن ثم كانت المواجهات المتعددة التي حصلت في مصر بين المسلمين والأقباط والتي تردد ان انظمة رسمية كانت تعمل على تغذيتها ، واليوم نشهد تحريضاً كبيراً على المسيحيين الموجودين في سورية من قبل جماعات تتستر بمطالب اصلاحية من اجل الترويج لأفكار مذهبية متطرفة تنصب العداء لكل من لا يتوافق معها ويسير على هواها ، وكل هذا يعني ان مخطط تهجير المسيحيين من منطقة الشرق لا زال ساري المفعول وأن هناك جهات اقليمية ودولية تعمل دائماً على تهيئة الأجواء المناسبة لخلق اكبر قدر ممكن من منسوب التفرقة والتمزق ، وليس محض صدفة ان يعاد تحريك ملف المسيحيين في الشرق وأن تجري عمليات مدروسة لإستهدافهم في وقت تطرح فيه على المستوى الدولي مشاريع لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وتسوية اوضاع اللاجئين الفلسطينيين في اماكن تواجدهم ، كما ليس صدفة ان يتزامن ذلك مع اعلان اسرائيل انها نجحت في ابعاد نحو 150 الف فلسطيني عن القدس بشكل خاص وعن الضفة الغربية بشكل عام ، اضافة الى ذلك ليس محض صدفة ان يعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي منذ اشهر عن استعداد فرنسا لإستقبال اعداد من مسيحيي الشرق في بلده وتحديداً من مسيحيي العراق . ومسيحيو الشرق يعون حجم المؤامرة التي تحاك ضدهم ولهذا تم تسجيل تحركات هامة من قبل مسيحيي العراق ومصر في محاولة لإحباط ما يخطط ضدهم ، كما كان هناك تحرك فاعل في لبنان بمبادرة من البطريرك بشارة الراعي الذي جمع على طاولة واحدة القادة السياسيين المسيحيين الأساسيين في لبنان لمطالبتهم بتحييد خلافاتهم السياسية والتوحد على الأقل في مواجهة ما يستهدفهم من مخطط ليس من المستبعد ان تصل اخطاره الى لبنان . وليس من السهل القول ان بالإمكان افشال هذا المخطط لأنه يجري في وقت تشهد فيه الساحة العربية بكل مكوناتها مخاضاً لم يتضح معه شكل المولود

الجديد المنتظر ..!