جديد المركز

مشاريع حروب برسم الأزمة المالية العالمية

تفيد الدراسات المختصة ان الحرب العالمية الأولى والثانية ، وكذلك بعض الحروب الإقليمية التي نشبت في اكثر من منطقة خلال العقود الماضية كانت لأسباب اقتصادية بحيث مع انتهاء كل حرب كان يحصل انتعاش وحركة نمو وإقبال على الإستهلاك مع ما يستتبع ذلك من تخلص من التضخم والإنكماش والبطالة . فهل ما يجري الأن في اميركا وأوروبا ستكون محصلته حرباً ما ، وأين يمكن ان تقع ؟ بحسب تطورات الأوضاع يتبين ان ازمة مالية خانقة قد اصابت الولايات المتحدة الأميركية حيث وصلت المديونية الى نحو 14 تريليون دولار أي ما يعادل الناتج القومي الخام للبلاد لمدة عام كامل . وتأتي ازمة المديونية الأميركية استكمالاً لأزمة المصارف التي حصلت عام 2008 والتي اصابت شظاياها كل دول العالم دون استثناء وأن يكن بنسب متفاوتة . ومن غير الواضح بعد كيف ستتمكن واشنطن من مواجهة هذه الأزمة المستفحلة والمتراكمة منذ سنوات طويلة وأن تكن قد لجأت اخيراً الى اتخاذ اجراءات تقضي برفع سقف الإستدانة والتي تعتبر في جوهرها ليست حلولاً لأزمة بل كناية عن “مسكنات” لمعالجة اوضاع راهنة لفترة زمنية بسيطة من الزمن . وتلتقي الأزمة المالية الأميركية مع ازمة اوروبية مماثلة تطال عدة دول في منطقة اليورو رغم ان دول الأتحاد الأوروبي السبع والعشرين قد وصل انتاجها القومي الخام الى 16.1 تريليون دولار سنوياً أي بما يتفوق على اميركا بنحو 2 تريليون دولار حسب تقديرات صندوق النقد الدولي . وإذا ما تم استثناء المانيا التي حققت فائضاً في الميزان التجاري في العام الماضي بلغ أكثر من 150 مليار دولار بإجمالي صادرات بلغ 3 .1 تريليون دولار فإن عدة دول من منظومة اليورو ترزح تحت وطأة مديونية كبيرة حيث بلغت ديون اليونان 5.481 مليار دولار ودائنوها هم عدد من الدول الأوروبية الذين يشاركونها عضوية منطقة اليورو . وإيرلندا مدينة ب 3 .462 مليار دولار ودائنوها هم أنفسهم أيضاً . وإيطاليا وإسبانيا مدينتان بألف مليار (تريليون) دولار لكل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا . وفي حين تدين إسبانيا لإيطاليا ب 41 مليار دولار فإن إيطاليا مدينة لإسبانيا ب 27 مليار دولار . هذا الواقع دفع بالمفوضية الأوروبية الى دق ناقوس الخطر والى استنفار الدول الأوروبية الغنية وكذلك المؤسسات المالية الدولية لمحاولة انقاذ الدول المتعثرة . وكان من نتيجة ذلك تقديم معونات عاجلة الى اليونان وايرلندا وأسبانيا ، والبحث جاري لتحديد كيفية اغاثة ايطاليا . ولكن كل ذلك يتم وفق شروط ابرزها ان تعتمد الدول المتعثرة سياسة تقشفية شديدة مع احتمال دعم قرارها فيما لو شاءت فرض ضرائب جديدة . وهذا يعني ان المواطن هو في المحصلة من سيدفع ثمن فاتورة الأخطاء المالية التي ارتكبتها الأنظمة السياسية . وأمام التهديد الذي يواجه الدولار في اميركا والتهديد الذي يواجه اليورو في اوروبا فضل الكثيرون من المستثمرين التخلي عن هاتين العملتين والذهاب الى ادخار الذهب الذي ارتفع نتيجة ذلك سعره الى مستويات خيالية . وكما ان اميركا لا تملك حلولاً لأزمتها فكذلك الحال بالنسبة لأوروبا الأمر الذي يطرح تساؤلات فيما اذا كان الغرب سيلجأ الى افتعال حروب في مناطق معينة كون اللجوء الى الحروب كان دائماً الحل الذي تلجأ اليه الدول عند حصول ازمات اقتصادية . ومن خلال مراجعة خرائط الأزمات في العالم اليوم يبدو ان منطقة الشرق الأوسط الكبير الممتدة من باكستان وأفغانستان وصولاً الى كافة شواطىء الحوض الشرقي والجنوبي لبحر الأبيض المتوسط هي المرشحة اكثر من غيرها لإستقبال مشاريع حروب ليس من الصعب افتعالها او تغذية منسوب توتيرها لطالما ان اسباب النزاع موجودة على أكثر من جبهة : فهناك الصراع العربي – الإسرائيلي، وهناك الثورات العربية ومطامح تغيير بعض الأنظمة ، وهناك مشاريع الفتنة السنية الشيعية ، وهناك ايران ومشروعها النووي ، وتركيا وتطلعاتها التوسعية سياسياً وأقتصادياً ، وهناك النفط والصراع على مخزونه وتسويقه . فأياً من هذه الحروب ستنشب ؟ وما مدى مساهمتها في حلحلة الأزمات المالية العالمية ؟.