جديد المركز

مصالح اقتصادية بقناع إنساني

أعلنت البرازيل مؤخراً أنها ستسقط أو تعيد جدولة ما قيمته نحو 900 مليون دولار من ديونها في أفريقيا.
ومن بين 12 دولة ستستفيد من هذه الخطوة بلدان غنية بالنفط والغاز كالكونغو برازافيل وتنزانيا وزامبيا ،
ومعظم الديون كانت تراكمات من السبعينيات، وقد تم التفاوض بشأنها من قبل.
وسبق أن قامت روسيا بخطوة مماثلة حين أعلنت إعفاء دول أفريقية من ديون تقدر بقيمة 20 مليار دولار.
وبدورها قالت الصين إنها تجري مفاوضات لإعفاء 32 دولة افريقية من 150 ديناً.
وأقدمت دول أوروبية منذ سنوات قليلة على خطوة مماثلة ، فيما دعت واشنطن الى إعفاء السودان من ديونها المقدر لها عام 2013 ان تصل الى 45.6 مليار دولار .
ومن المؤكد أن من يقرأ هذه الأخبار لا بد أن يشيد بهذه الخطوات التي تقوم بها دول غنية تجاه دول فقيرة وشبه معدمة ، كما لا بد ان يمتدح “الخلفية الإنســانية ” التي باتت تحيط بالعـــلاقات الإقتصادية العالمية.
ولكن وللأسف فإن الواقع لا يعكس هذه الحال على الإطلاق لأن السائد هو التنافس الوحشي وعدم الرحمة على التزاحم في الإستثمار ، والمحاولات المستميتة من كل دولة غنية للسيطرة على اقتصاد دولة فقيرة .
فالدول النامية ،او ما دون النامية ،هي مجرد ارقام لعدد المستهلكين في دفاتر حسابات الدول الصناعية المستعدة دائماً لبيع هذه الدول كل ما تنتجه سواء سددت هذه الدول فاتورتها فوراً او سددت قسما من الفاتورة وأحالت بقية المبلغ الى ديون مؤخرة مع ما يستوجب ذلك من فوائد قد تصل بعد فترة زمنية الى اضعاف حجم الدين الحقيقي .
وبما أن ديون هذه الدول تصبح مرهقة ولا تعود تسمح لها بشراء احتياجاتها لأن معظم ناتجها الوطني مخصص لتسديد فوائد الدين .. وبما أن الدول الصناعية بحاجة إلى أسواق استهلاكية تملك القدرة الدائمة على الشراء ، لذا تلجأ هذه الدول الى استخدام البدعة الإنسانية التي اخترعها بعض علماء الإقتصاد والتي تدعو الى إعفاء الدول الفقيرة من ديونها المستحقة عليها لأنها باتت تشكل ثقلاً كبيراً على كاهل اقتصادها الوطني .
ولا تذكر هذه الدول في اعلانها انها اعفت دولة او دولاً من ديونها شرط ان تفتح لها أسواقها لتسويق بضائع بمبالغ قد تصل الى ما هو أكبر من حجم الدين .
كما لا تذكر الدول الصناعية الغنية أنها أقدمت على خطوتها “الإنسانية” من أجل إنقاذ اقتصادها من الإنكماش والركود .
ولهذا لا تغرنكم اللفتة الإنسانية للدول الصناعية لأنها مجرد قناع لمصالح اقتصادية .