طالعتنا الصحف الفرنسية المختصة مؤخرًا بأن مفاوضات تجري بين رجل أعمال سعودي ونادي «مرسيليا« الفرنسي لشراء حصص تصل قيمتها إلى نحو 200 مليون يورو سنويًا؛ لأن النادي المذكور بحاجة إلى تصفية ديونه والتعاقد مع لاعبين جدد بعد أن حاز على بطولة الدوري الفرنسي.
ويبدو أن استثمار رجال أعمال خليجيين في كرة القدم الأوروبية أصبح ظاهرة لافتة للنظر خاصة وأن مئات الملايين من الدولارات التي يتم توظيفها سنويًا لم يتضح بعدما حجم المردود الذي استعادته هذه الاستثمارات المليئة بالمخاطر.
فالشيخ منصور بن زايد آل نهيان يمتلك نادي «مانشستر سيتي» الإنكليزي، والقطري الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني يمتلك نادي «ملقه» الإسباني، ومجموعة الإمارات تمتلك نادي «خيتافي» الإسباني، ورجل الأعمال الأردني حسن عبدالله هو المساهم الأكبر في نادي «ميونيخ 1860» الألماني، إلى جانب رجل الأعمال المصري محمد الفايد المالك لنادي «فولهام «الإنكليزي، إضافة إلى استحواذ شركة قطر للاستثمار الرياضي على أسهم نادي «باريس سان جيرمان» الفرنسي. وهناك دخول المستثمر السعودي أحمد الزبيدي في مفاوضات مع نادي «باليرمو» الإيطالي لشراء أسهم النادي.
وقد يقول البعض إن الاستثمار في مجال كرة القدم بات من أهم التوظيفات التي تأتي بمردود مالي كبير بعد أن خرجت هذه اللعبة من إطارها الرياضي إلى إطارها التجاري البحت، ولكن الربح المالي ليس هو كل شيء في هذه الحياة قياسًا إلى المكسب المعنوي والوطني.
فأيًا يكن حجم الاستثمارات، ومهما بلغت درجة مخاطرة رجال الأعمال الخليجيين إلا أن لا أحد في أوروبا ينظر إلى هؤلاء المستثمرين سوى أنهم من «قنّاصي الفرص» فيما المردود المعنوي والكسب الإعلامي للنادي يعود بالدرجة الأولى إلى البلد الذي ينتمي إليه النادي وإلى المدينة التي يمثلها.
فمن يشاهد أي مباريات كرة قدم لا يرى سوى اللاعب والمدرب وأرض الملعب والحكم ونتيجة المباراة واسم النادي دون أن يهتم أحد بهوية الممول أو المستثمر، إلا إذا كان من أبناء نفس المنطقة التي ينتمي إليها النادي، مثل برنار تابي عندما اشترى فريق «مرسيليا» أو افليلو عندما اشترى فريق «بوردو».
ومن الخطأ أن يعتبر أي مستثمر خليجي أن ما يحققه أي نادٍ أوروبي من فوز هو فوز شخصي له، لأنه لم تسمح السلطات المختصة لأي مستثمر خليجي بشراء هذا النادي أو ذاك إلا لأنها لم تجد ممولا محليا، أو لأنها احتسبت قيمة الربح الذي ستحققه وعلى ضوئها وافقت.
ومن يعتبر من الخليجيين أن من يدعم أي فريق رياضي أوروبي هو جواز مرور له داخل النسيج الشعبي الأوروبي فهو مخطئ بدليل ما ان انهزم نيكولا ساركوزي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وحل مكانه فرنسوا هولاند حتى كانت في سلم أولوياته استعادة «نادي باريس سان جرمان» من مالكيه القطريين لأن النادي بالنسبة إليه ليس تجارة أو صفقة بل هو هوية وجنسية وتراث وتاريخ للبلد أو للمنطقة أو للمدينة التي ينتمي إليها.
من هنا نصيحتي للمستثمرين الخليجيين أن يدخروا أموالهم لتنشيط كرة القدم في دولهم؛ لأنها هي مدعاة فخر وانتماء لهم. ومن يجد هذه التجارة غير مربحة ماديًا فما عليه سوى الرهان على المستقبل.. وبانتظار هذا اليوم الموعود يكفيه ما سيكسبه معنويًا من أبناء وطنه.