جديد المركز

نظرة على واقع المطوفين والأدلاء “1-2 ”

بعد أيام يهل علينا شهر رمضان المبارك أعاده الله على كل المسلمين بالخير واليمن والبركة ، وبعد ذلك بأسابيع قليلة يتوافد الحجاج الى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج دون تفرقة بين غني وفقير ،ودون تمييز بين أسود وأبيض بل الجميع أمام الخالق سواسية كأسنان المشط .
وأينما توجهنا في بلاد العالم الإسلامي نلاحظ وجود الإعلانات التي تدعو الراغبين بأداء مناسك الحج الى تقديم أوراقهم الى الوكالة المختصة تمهيداً لرفعها الى السلطات السعودية المعنية التي يعود اليها الموافقة على منح التأشيرة حسب الحصص المعتمدة لكل بلد إسلامي .
وبما ان مناسك الحج من أولى اهتمامات وزارة الحج ، كما إنها من أولى اهتمامات الوزارات الأمنية والصحية والإجتماعية ، وبما ان كل الأنشطة المتعلقة بالحج تعتبر وحدة متكاملة ومتتابعة كما هو حال حلقات السلسلة ، فمن المفيد ان نلقي الضوء على أزمة طالت دون حل رغبة منا بأن التطرق اليها ووصولها الى مسامع أولياء الأمر سيكون له الأصداء الطيبة والاهتمام الذي تستحقه هذه المشكلة .
وتتلخص هذه المشكلة فيما يعانيه المطوفون في مكة المكرمة والأدلاء في المدينة المنورة الذين انتسبوا منذ اكثر من ثلاثة عقود الى مؤسسات مختصة بهدف الارتقاء بخدمة الحاج بعد أن وجدت الوزارة المعنية بشكل مباشر أن العمل المؤسساتي هو الأنجع والأفضل بدلاً من الاعتماد على المبادرات والاجتهادات الفردية .
وتم على هذا الأساس تنظيم ندوات التوعية ومؤتمرات الإرشاد والتوجيه ، وعقد الندوات والمحاضرات وصياغة الخطط والبرامج والدراسات والتي كلفت الدولة مئات ملايين الريالات .
وبذلك بدا على المستوى النظري أن كل شيء قد تم تنظيمه وترتيبه دون ترك أي مسألة للصدفة ، ولكن على المستوى التطبيقي سارت الأمور بشكل مخالف جداً وبما يتعارض بالكامل مع ما أرادت وزارة الحج تطبيقه.
فقد تولى ادارة المؤسسات المعنية بالمطوفين والأدلاء اشخاص إما توارثوا المؤسسة عن أهلهم ، وإما ممن لديه باع طويل في العلاقات الخاصة ، وإما ممن لديه الإمكانيات المالية التي رأى ان من الممكن استثمارها في مجال الطوافة في مكة او الدلالة في المدينة المنورة .
وغاب عن بال الجميع ان هذه المؤسسات يجب ان تعمل وفق لوائح وأنظمة ملزمة مثلها مثل أي مؤسسة خاصة او رسمية لا عبر العمل بطريقة ارتجالية او حسب مزاجية مالك المؤسسة او مديرها او المشرف عليها .
ويكفي على سبيل المثال التنويه هنا ان باستطاعة أي مسؤول مؤسسة أن يطرد أي مطوف او أي دليل لديه لمجرد ان المطوف او الدليل لم يمتثل لأمر ، أو لمجرد ان المطوف او الدليل اضاء على خطأ يُرتكب في حضن المؤسسة ، او لمجرد ان يطالب المطوف او الدليل بحقوق مالية او ادارية .علماً ان من ينشط في عمل الطوافة في موسم الحج في مكة او في مجال الدلالة في المدينة المنورة ليس العاطل عن العمل او الأمي او الدخيل بل هو الطبيب او المهندس او الفني او القانوني أو المدرس او الكاتب أي ممن تعلم مهنة الطوافة والدلالة وتوارثها أباً عن جد والذي لا زال يحرص على ممارستها إما لأنها مورد رزقه او تقرباً لله العلي القدير .