تمكن باراك اوباما من تحقيق فوز كاسح على خصمه الجمهوري ميت رومني ونال ثقة الأميركيين لولاية ثانية لمدة 4 سنوات قد تكون امتداد لنفس النهج الذي اعتمده في ولايته الأولى حيث ركز معظم اهتماماته على كيفية اخراج الولايات المتحدة الأميركية مما تتخبط به من ازمات مالية واقتصادية ومعيشية دون ان يتغافل عن ملفات دولية هامة بدءاً من الملف النووي الإيراني ، مروراً بملف السلام الإسرائيلي الفلسطيني ، والإرهاب ، والعلاقة مع روسيا والصين وصولاً الى الأزمة السورية وتعقيداتها الأقليمية والدولية .
وكان الرئيس باراك اوباما واضحاً في خطاب الفوز الذي القاه عندما خاطب الأميركيين بالقول انكم انتخبتموني من اجل ان اوفر لكم فرص عمل ، وهذا ما سأعمل عليه .
وهذا يعني ان اوباما سيوظف كل جهوده وخبراته التي اكتسبها من ولايته الأولى من اجل تخفيض نسبة البطالة التي وصلت الى نحو 8 في المائة ، ورفع نسبة النمو التي لم تزد هذا العام عن 2 في المائة ، والحد من تفاقم الدين العام الذي وصل الى نحو 16 تريليون دولار ، كما عليه الوفاء ببرنامجه الأنتخابي لجهة مواصلة مشروع اصلاح نظام الرعاية الصحية ، وزيادة الضرائب ، والحد من الهجرة ، وتنظيم الأجهاض والزواج المثلي .
اما على مستوى السياسة الخارجية فإن الرئيس اوباما ليس بحاجة الى وقت طويل من اجل تحديد موقفه منها لأنه سبق وكان له بشأنها أستراتيجيته والتي من المعتقد انه لن يزيح عنها ، وهي تشمل بشكل اساسي الملفات التالية : – الملف النووي الإيراني الذي يرفض اوباما حله عسكرياً كما تطالبه اسرائيل ويفضل طريق التفاوض سواء غير المباشر او الطريق المباشر حتى وأن رافق ذلك فرض المزيد من العقوبات من المجتمع الدولي على إيران والتي برأي الإدارة الأميركية قد بدأت تعطي ثمارها لما تركت من انعكاسات سلبية على الوضع الإقتصادي الإيراني ، الأمر الذي قد يدفع بطهران الى ابداء بعض الليونة لجهة التعاون مع منظومة 5 + 1 من اجل ايجاد حل مناسب للملف النووي الشائك .
وهذا الملف كان دائماً محل خلاف بين واشنطن وتل ابيب حيث كانت الأولى تعارض دائماً السماح للثانية القيام بأي عمل عسكري منفرد لأن تداعياته ستطال كل دول العالم . ولهذا السبب ابدى رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو انحيازه الى المرشح ميت رومني في مواجهة باراك اوباما .
– وهناك الملف السوري الذي ينتظر برأي الكثير من المراقبين انتهاء واشنطن من ورشة الأنتخابات الرئاسية لمعرفة موقفها من امكانية الدخول في تسوية ما تشكل حلاً وسطاً بين ما تطرحه اميركا وحلفائها وبين ما تطرحه روسيا وحلفائها .خاصة وأن تطورات الأوضاع الأمنية اظهرت مدى عجز المعارضة السورية عن الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد ، كما اظهرت مدى عجز النظام عن العودة للإمساك بزمام الأمور . يضاف الى ذلك بداية تسرب الإنعكاسات السلبية الى عدد من دول المنطقة وعلى وجه التحديد الى لبنان والأردن وتركيا والعراق .
– وأيضاً هناك الملف الفلسطيني الذي وعد اوباما في حال نجاحه بالفوز بولاية ثانية ان يبذل جهداً كبيراً من اجل اقامة دولتين متجاورتين وأن يضع حداً نهائياً لهذا الصراع الممتد منذ اكثر من 60 سنة . وهذا الموقف لا يروق كثيراً لليمين الحاكم في اسرائيل بينما يجدد الأمل لدى السلطة الوطنية الفلسطينية الضائعة ما بين الإنقسامات الفلسطينية وتداعيات ” الثورات العربية ” والوعود الدولية التي غالباً ما تكون حبر على ورق .
– ومن ثم هناك ملف الإرهاب الذي عاد ليحتل واجهة الأحداث في أكثر من بلد بدءاً من اليمن ، مروراً بأفغانستان ، وصولاً الى مالي مع ما يتزامن ذلك من قرب سحب القوات الأميركية من افغانستان كما تعهد اوباما سابقاً .
– وهناك ملف العلاقات الأميركية مع الصين وروسيا حيث ظهر مؤخراً ان واشنطن لم تعد قادرة لوحدها على ادارة شؤون العالم إذ استفاق “الدب” الروسي و”التنين” الصيني وبدأ يفتشان عن موقعهما في اكثر من منطقة في العالم واللذان لم يعد بإمكان اميركا تجاهلهما بالنظر لما لهما من تأثير في الملف السوري والإيراني وفي ملفات أخرى في افريقيا وشرق اسيا .
هذه الملفات ، وملفات أخرى متعددة ذات ابعاد دولية ستكون مطروحة امام اوباما في ولايته الثانية عسى ان يتمكن من ان يترك بصمته في حل أي منها خاصة وأنه من المعروف ان أي رئيس اميركي يتعامل في ولايته الثانية بشكل مغاير لولايته الأولى .