تتجه الأنظار الى القمة المرتقبة بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وبين الرئيس الإيراني حسن روحاني لمناسبة قيام هذا الأخير بأداء فريضة الحج بدعوة رسمية من العاهل السعودي .
وتكتسي هذه القمة اهمية استثنائية لأن الخلافات بين البلدين وصلت الى أبعد مدى وأنعكست بشكل سلبي كبير على المنطقة بأكملها لأن كل من البلدين له موقعه الأقليمي الريادي ويعمل من ضمن منظومة من الحلفاء المحليين والدوليين .
وبرأي كافة المراقبين أن أي تفاهم سعودي – إيراني كفيل بأن يترك بصمات ايجابية على ملفات ساخنة وأن يحد من حجم التوتر السائد اليوم على اكثر من صعيد .
ومن المؤكد ان لقاء القمة لن يجد حلولاً فورية لأزمات كبيرة وقديمة ، ولن يعيد بسرعة الثقة المفقودة بين البلدين ولكن اللقاء قد يمهد الطريق للبدء بإزالة المتاريس بين الرياض وطهران ولإلتقاء المتحاربين كمقدمة من اجل ايجاد الحلول الناجعة لكل الملفات المشتركة التي من المؤكد انها بحاجة الى الكثير من الوقت للتوصل بشأنها الى حلول ترضي الطرفين على قاعدة “لا يفنى الذئب ولا يموت الغنم” .
والملفات التي تباعد بين البلدين كثيرة ومعقدة وحلها يتطلب مرونة في التفاوض على خلفية التفاهم على “تسويات ” لأن من المستحيل ان يخرج أي طرف خاسراً بالكامل ، او ان يخرج أي طرف رابحاً بالكامل .
ويكفي تعداد الملفات القابلة للتفاوض بحكم اهميتها وضرورة البت بها والتي تتمثل في الملف السوري بالدرجة الأولى ، ويليه ملف البحرين ، ولبنان ، ومصر ، وفلسطين ، والعراق ، واليمن ، والسودان ، والملف النووي الإيراني .
وتأتي في سياق هذه الملفات التوترات المذهبية الرائجة في العالم العربي والأسلامي اليوم ، وسباق التسلح المحموم بين دول المنطقة ، والحركات الإرهابية ، والتيارات التكفيرية .
ويضاف اليها أمن وأستقرار المنطقة وكيفية اعادة تفعيل العلاقات الثنائية وتعزيزها بين السعودية وإيران وبين ايران ودول منطقة الخليج العربي على قاعدة احترام كل دولة لسيادة الدول الأخرى وعدم التدخل في شؤونها الداخلية .
وبعض هذه الملفات الأنفة الذكر تمتلك الرياض وطهران مفاتيح حلها ، ولكن هناك ملفات لها ابعاد دولية ومفاتيح حلها موجودة في موسكو وواشنطن وفي عواصم أخرى الأمر الذي يتطلب تنسيقاً أقليمياً ودولياً .
ولعل المنطق السائد الأن هو القائل بإستحالة إيجاد حل لأي ازمة عبر استخدام القوة لأنها لا تؤدي إلا الى المزيد من الخراب والدمار ، ولهذا يجب العودة الى طاولة الحوار لمناقشة كل التفاصيل بحرية ومصداقية خاصة وأن المناخات الدولية اثبتت مؤخراً ان الأجواء مؤاتية لإنتهاج فلسفة التفاوض على قاعدة اعتراف كل طرف بمصالح وحقوق الأخرين .
يبقى ان الأنتظار هو سيد الموقف الى ان يتم لقاء القمة بين العاهل السعودي والرئيس الإيراني والذي تتطلع اليه شعوب المنطقة بكثير من الأمل والتفاؤل .