جديد المركز

الحرب على مالي رهن موافقة الجزائر

تجري التحضيرات الدولية على قدم وساق من اجل شن حرب ضد جماعات مسلحة مقربة من تنظيم”القاعدة” تنتمي الى ” حركة التوحيد والجهاد ” و” حركة انصار الدين ” ، والتي تتخذ من شمال مالي منطلقاً لها . ولكن تبقى العقدة في كيفية اقناع الجزائر بالمشاركة في هذه الحرب المتوقع لها ان تبدأ اعتباراً من شهر اذار / مارس 2013 .

وتفيد التقارير الواردة من مالي ان تلك الجماعات تعتمد في تمويل أنشطتها على جملة من العمليات غير الشرعية، سواء عبر التهريب، أو خطف الرهائن الغربيين، واشتراط الفدية مقابل إطلاق سراحهم، هذا بالإضافة إلى الاستفادة من تدفق الأسلحة المستمر عبر الحدود الليبية، وعودة عناصر مخضرمة قاتلت إلى جانب القذافي خلال الثورة الليبية.

وكانت فرنسا من اكثر المتضررين من هذه الجماعات التي عمدت الى خطف رعايا فرنسيين وقد انضمت اليها لاحقاً الولايات المتحدة الأميركية بعد مقتل سفيرها في ليبيا على ايدي هذه الجماعات .

ومنذ فترة ليست ببسيطة تحاول باريس اقناع الجزائر بضرورة مشاركتها في عمليات عسكرية للقضاء على هذه الجماعات ولكن كانت السلطات الجزائرية تشترط مسبقاً اعادة الأعتبار لشهدائها الذين سقطوا على ايدي القوات الفرنسية اثناء استعمارها للجزائر خلال النصف الأول من القرن العشرين .

وسبق ورفضت باريس الأنصياع للمطلب الجزائري ولكن مع وصول الأشتراكي فرنسوا هولاند الى سدة الرئاسة تم اعادة تحريك هذا المطلب وسط خلاف في مجلس الشيوخ الفرنسي حيث يعارض اليمين المتطرف التصويت على مشروع قانون يقضي بتخصيص يوم سنوي لإحياء ذكرى قتلى حرب استقلال الجزائر التي استمرت من العام 1954 الى العام 1962 .

وكانت الجمعية الوطنية ( البرلمان ) أقرت في عام 2002 مشروع قانون يجعل يوم 19 مارس/اذار من كل عام موعداً لإحياء الذكرى لكن المشروع نحي جانباً بعد أن قال معارضون معظمهم من تيار اليمين إنه “سيشعل كراهية قديمة وسيمثل إهانة للمستعمرين الذين اضطروا للرحيل في نهاية المطاف” .

وبعد مرور عشر سنوات على ذلك ومرور 50 عاماً على انتهاء الحرب في الجزائر ، ومع وجود اليساريين في السلطة بفرنسا أثار أعضاء اشتراكيون بمجلس الشيوخ القضية مجدداً وطالبوا بإجراء تصويت بشأن مشروع القانون . ودخلت واشنطن على هذا الخط في محاولة لإقناع الجزائر بأن الحرب ضد الجماعات المتشددة في مالي غير مرتبط بالحقبة الإستعمارية الفرنسية للجزائر خاصة وأن معلومات تحدثت عن وجود قاعدة في جنوب ليبيا تقع في واحة “سبها” في قلب الصحراء الليبية لتدريب المسلحين السلفيين قبل إرسالهم الى مالي.

وتقول المصادر الفرنسية ان سلفيين ليبيين ومصريين يقومون بتدريب المقاتلين في تلك القاعدة، التي غادرها مؤخراً بضع عشرات من المقاتلين عبر سيارات “بيك آب” الى مالي عن طريق النيجر.

وذكرت صحيفة “لوكانار أنشينيه” ان حوالي 300 مقاتل وصلوا الى مالي من هذه القاعدة خلال الفترة الماضية، وهم من جنسيات مختلفة (موريتانيا، النيجر، مصر، تونس، ساحل العاج) وهم مسلحون بشكل جيد جدا.

وحسب الصحيفة الفرنسية تقدر المخابرات الفرنسية عدد مقاتلي دولة “القاعدة” في شمال مالي بستة آلاف مقاتل قبل الحصول على التعزيزات من قاعدة سبها الليبية .

وسبق وصدر قرار من مجلس الأمن في 12 اكتوبر / تشرين الأول الماضي لشن حملة دولية حيث اعطى القرار الدولي الاتحاد الأفريقي مدة 45 يوما لتحريك 3300 جندي ضد القاعدة في مالي.

غير ان وزير الدفاع الفرنسي «جان ايف – لودريان» اعتبر أنه من الصعب خوض حرب هناك في مدة 45 يوما . أما القوة الأفريقية المطلوبة فليست جاهزة على الإطلاق، وهي ليست مجهزة عسكريا، وحتى الآن ليس هناك أي قيادة عسكرية أبدت استعدادها لإدارة هذه القوة المتعددة الجنسيات، كما أن الجيش المالي الصغير لا يحسب له حساب في هذا الأمر.

وتبدو فرنسا مستعجلة لشن الحرب في مالي قبل منتصف مارس / اذارالمقبل، حيث يحل موسم الأمطار هناك، وهذا الاستعجال الفرنسي سوف يحضر في زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للجزائر بعد أسبوعين من الآن . وتقول مصادر صحافية فرنسية أن هولاند سوف يقول للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أن بلاده سوف تكون بخطر إذا استمرت بقبول وجود هذه التنظيمات الجهادية على الحدود معها، فيما يبدو الموقف الجزائري حذرا بسبب تخوف الجزائريين من خطة فرنسية محكمة لتطويقهم بعد سقوط نظامي «القذافي» و«بن علي» وفي ظل العلاقات المتوترة بين الجزائر والمغرب .