منذ قيام جمال عبد الناصر بثورته عام 1952 وحتى اليوم يعتبر القيادي في حركة ” الأخوان المسلمين” محمد مرسي هو الرئيس الرابع لجمهورية مصر العربية والذي وصل الى موقعه أثر قيام ثورة شعبية ادت الى أجراء انتخابات جدية للمرة الأولى في تاريخ مصربعد عزل الرئيس حسني مبارك وإحالته الى المحاكمة. وإذا كان محمد مرسي لا زال يعيش حتى الأن نشوة الإنتصار الذي حققه بعد منافسة شديدة في الدورة الثانية مع احمد شفيق ، إلا انه سرعان ما سيستفيق من “سكرة ” الأنتصار ليبدأ بدراسة كيفية تطبيق ما وعد به اثناء حملته الإنتخابية على المستوى السياسي والإقتصادي والإجتماعي ، كما عليه ان يبرهن عن مدى قدرته على العبور الى منطق الدولة لأن إمساك ” الأخوان المسلمين ” بالسلطة في مصر هو امتحان كبير لمشروعهم السياسي الذي طالما حلموا بتحقيقه . فالمهمة ليست سهلة ، ولا هي كناية عن نزهة رئاسية لأن الشعب ينتظر حلولاً لأزماته المتراكمة والتي من اجلها تمترس في حي التحرير وسط القاهرة مضحياً بكل ما يملك من انفس وأموال وطاقات وأمكانيات . اولى خطوات المواجهة قد تكون بين مرسي والمجلس العسكري نتيجة الإزدواجية في ممارسة السلطة بعد ان اعتبر العسكر ان دور الوصاية الذي يقومون به منذ استقالة حسني مبارك لم ينته بعد لطالما ان البلاد لم تقر دستوراً جديداً تتحدد بموجبه واجبات وحقوق الرئيس وسائر الفعاليات الأخرى . وثاني المواجهات ستكون مع الخارج في ظل الصراع المستجد بين واشنطن وموسكو ، وفي ظل النزاع مع ايران حول مشروعها الرامي الى لعب دور اساسي في قيادة المنطقة ، وفي ظل اتفاقية السلام المعقودة مع اسرائيل ومصيرها ، وموقف القاهرة من طبيعة الصراع العربي الإسرائيلي ومن علاقة تل ابيب مع حركة حماس التي هي الإمتداد الفلسطيني لحركة الأخوان في مصر والتي تهيمن على قطاع غزة المعروف بأنه الحديقة الخلفية لمصر . وثالث المواجهات ستكون حول كيفية اعادة بناء جسور الثقة بين مصر وعدة دول عربية وخاصة منها الخليجية التي كانت ولا زالت السند المالي الأساسي لمصر والتي لولاها لما قبض الموظفون المصريون رواتبهم في الأشهر الأخيرة الماضية . ورابع المواجهات سيكون التحدي الاقتصادي، ويتمثل هذا التحدي في التراجع الخطير جداً في معدل النمو والاستثمارات، وفي التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الإدارة البائسة للمرحلة الانتقالية من قبل المجلس العسكري منذ خلع مبارك في الحادي عشر من فبراير / شباط 2011، وفي ارتفاع نسبة البطالة إلى 12 في المئة وبلوغها نسبة 24 في المائة في أوساط الشباب، وفي تراجع الاحتياطي النقدي بشكل كبير، ولجوء البعض إلى معاقبة الثورة بهذا الخصوص. وخامس المواجهات هو كيفية التعامل مع التحالفات الداخلية، وهو التحدي الأهم الذي يمكنه من خوض معركته مع أعداء الثورة ، بمعنى هل سيقدم الرئيس مرسي على عقد مساومة داخلية مع بقية قوى الثورة، حتى تتمكن من إفشال الإعلان الدستوري المكمل، ومن إلغاء قرار حل البرلمان وقانون الضبطية العدلية وتحجيم دور المجلس العسكري، وإعادة هيكلة الدولة لإنهاء دور الفلول من أجل تحقيق أهداف الثورة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وسادس المواجهات هي حول كيفية استعادة مصر لدورها القيادي والرائد في العالم العربي في ظل طموحات ايرانية وتركية . وسابع المواجهات هي كيفية التعاطي مع القوى السلفية التكفيرية التي استبشرت خيراً بإستلام الإسلاميين السلطة في عدة دول عربية . وطبعاً لا احد ينتظر حلولاً سحرية في المستقبل القريب ولكن الجميع يتطلعون الى رصد بداية ظهور الغيث . فهل ينجح محمد مرسي ، او انه اتى في الفترة الضائعة ؟ .