منذ اندلاع الثورات العربية بات الشغل الشاغل للدول العربية والغربية المتابعة الحثيثة لمجريات ” الربيع العربي” ، كما بات مجلس الأمن ومعه الجمعية العمومية للأمم المتحدة في حال انعقاد شبه دائم لإصدار بيان او لدراسة تطورات الأوضاع تباعاً من تونس الى مصر وليبيا واليمن وصولاً الى سوريا ، فيما الملف الفلسطيني اصبح الغائب الأكبر رغم خطورة ما يجري . والمؤكد ان اسرائيل هي المستفيد الأول لأنها تعرف كيف تنتهز الفرص فيما العرب ماهرون في اضاعتها بدليل : – ان الدول التي شهدت ثورات لا زالت مشغولة بتداعياتها وتردداتها الى حد انها باتت غارقة حتى اذنيها في كيفية الخروج مما تعاني منه بأقل ضرر ممكن . وبذلك اصبحت مصر وسوريا واليمن وتونس وليبيا خارج دائرة تشكيل أي خطر على اسرائيل في المستقبل القريب . – من غير الواضح بعد ما هو موقف معظم الأنظمة العربية الناشئة من القضية الفلسطينية ومن تاريخ العداء مع اسرائيل حيث يتم اطلاق مواقف غالباً ما تكون رمادية وسطحية لا يمكن التعويل عليها . – استغلت اسرائيل هذا الوضع وتفرغت بالكامل لإنجاز مشروعها الإستيطاني ، وخاصة داخل القدس الى حد يمكن القول انه ما ان يستفيق العرب من ثوراتهم إلا وتكون معظم الأراضي الفلسطينية قد تم التهامها . وعندها سيكون الخيار امام الفلسطينيين إما القبول بقطعة أرض لبناء دولة بحجم “مخيم” وإما الذهاب الى اتحاد كونفدرالي مع دولة عربية ما . – لا شك ان اسرائيل تستخدم كل ما تمتلكه من امكانيات من اجل تسعير الفوضى في دول ” الربيع العربي ” لأن الفوضى باتت استراتيجية مرغوبة لدى تل ابيب كونها تحقق داخل العالم العربي ما لا تستطيع القوة العسكرية الصهيونية تحقيقه . – بدلاً من ان يبذل الفلسطينيون كل ما يملكون من امكانيات وطاقات من اجل تفعيل المصالحة المبدئية التي تمت قبل اشهر بينهم فقد انصرفوا الى إحداث المزيد من الشرخ في صفوفهم وأضعين الأولوية لما يمكن ان يحقق كل تنظيم او تيار من مكاسب خاصة على حساب مصير ومستقبل الوطن المعلق على جدران مكاتبهم ضمن خرائط من ورق . – كان من المأمول ان تنتقل عدوى ” الربيع العربي ” الى الداخل الفلسطيني بإعتباره يتسلح بقضية ذات مشروعية عالمية في مواجهة قوة محتلة ، وكان من الممكن ان يستفيد الفلسطينيون من زخم الشارع العربي ، ولكن السكوت والرقاد واللامبالاة كانوا سيد الموقف لأسباب لا زالت عصية على الفهم لدى أي محلل او مراقب . – المجتمع الدولي سعيد من سياسة تهميش القضية الفلسطينية ومن أي احتمال بإحراجه لإتخاذ أي موقف لطالما ان ما من أحد يطالبه بذلك . – بات الهم الأكبر لدى السلطة الوطنية الفلسطينية هو كيفية تأمين التمويل لدفع رواتب موظفيها او لتأمين الحد الأدنى من المواد الغذائية لمواطنيها ، ولهذا كثيراً ما نسمع عن جولات لا تهدأ للرئيس محمود عباس ولكنها اشبه بجولات ” جابي الكهرباء ” الذي يحمل في جعبته فواتير مستحقة الدفع .