جديد المركز

المياه منبع للحياة ام مصدر للنزاعات ؟

ينظم مركز الدراسات العربي الأوروبي يوم 29/9/2011 في باريس ندوة دولية بعنوان : ” المياه منبع للحياة ام مصدر للنزاعات في الشرق الأوسط ؟ ” بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين وصنَاع القرار العربي والدولي . وتأتي ندوة المركز في سياق الأنشطة المتعددة التي يقوم بتنفيذها ، وأستكمالاً لسلسلة فعاليات خصصها للحديث عن المياه ومخاطرها المستقبلية حيث سبق ونظم مؤتمر دولي في القاهرة عن “الأمن المائي العربي” قبل نحو عقد من الزمن وأصدر اعماله في كتاب ، كما نشر عن نفس الموضوع كتاباً أخر ذات قيمة علمية وأستراتيجية رائدة . ومعلوم ان الأمم المتحدة قد خصصت تاريخ 22 مارس / اذار من كل عام يوماً عالمياً للمياه منذ العام 1993من منطلق ادراكها ان العالم يتجه نحو الإفتقار شيئاً فشيئاً لهذه المادة الحيوية حيث تفيد احدث الدراسات الصادرة عنها ان 1.5 مليار نسمة ليس لديهم مصدر للمياه النقية ، و 3 مليارات نسمة ليس لديهم نظام صرف صحي ، و35 الف شخص يموتون يومياً نتيجة نقص المياه او بسبب استهلاك مياه ملوثة . وتقدر دراسات الأمم المتحدة ان 5.3 مليار نسمة او ما يعادل ثلثي سكان العالم سيواجهون عام 2025 نقصاً في المياه . وبرأي الخبراء والمختصين ان بذور ازمة المياه عالمياً تكمن في الأسباب التالية : – التوزيع غير العادل للمياه حيث تتساقط الأمطار بكثرة في بعض المناطق وبقلة في مناطق أخرى . – التزايد السكاني الذي ينمو بمعدل 90 مليون نسمة سنوياً . – المصادر المائية المشتركة حيث يتواجد 214 نهراً مشتركاً في العالم تعيش حول احواضها نحو ملياري نسمة . – النمو الإقتصادي ، وتحسن الأوضاع المعيشية استوجبت زيادة في استهلاك المياه . – سوء استخدام المياه : 70 % من المياه في الدول المتحضرة تستخدم في الزراعة ، و20 % في الصناعة ، و 10 % في الحياة المنزلية . – ضعف او فقدان استخدام الأساليب العصرية في ادارة مصادر المياه في الكثير من الدول النامية . – ارتفاع درجة حرارة الأرض – زيادة منسوب مياه البحار – ازدياد الإحتباس الحراري هذا على المستوى العالمي ، اما في منطقة الشرق الأوسط فلدينا نفس الأسباب الأنفة الذكر ، ولكن يضاف اليها اسباب أخرى منها ما له علاقة بدول تفتقر اساساً لوجود كميات كافية من المياه بما يتناسب مع حجم الإستهلاك ، ومنها ما له علاقة بعوامل جغرافية مثل ان معظم الأنهار التي تمر في الدول العربية منبعها غير عربي او انها تنبع من دول عربية وتسير نحو دول الجوار . وهذه العوامل هي التي تشكل الصاعق القابل للإنفجار فيما لو لم يتم تفكيكه . وللتوضيح فإن الشرق الأوسط مقسم الى مناطق ، ولكل منطقة خصوصياتها وفق التالي : – منطقة تشمل منبع ومجرى ومصب نهر النيل والدول العربية المعنية هنا هي مصر والسودان بمواجهة نحو عشر دول افريقية. – منطقة تشمل منبع ومجرى ومصب نهري دجلة والفرات والدول العربية المعنية هنا هي سورية والعراق بمواجهة تركيا . – منطقة تشمل اسرائيل من جهة والأراضي الفلسطينية والأردن وسورية ولبنان من جهة أخرى حيث هناك مشاكل حول نهر الأردن ونبع الوزاني في لبنان والمياه الجوفية في هضبة الجولان وفي الضفة الغربية . – منطقة المغرب العربي وليس فيها اي تقاسم في الأنهار ولكنها مقبلة جميعاً على شح كبير . – منطقة ليس فيها تقاسم للثروة المائية وتفتقر لوجود انهار هامة وهي منطقة الخليج العربي التي تعتمد بشكل اساسي على تحلية مياه البحار . وهذه المنطقة تعتمد على 62 محطة لتحلية المياه المالحة وقد بلغت كلفة بناء الواحدة منها نحو مليار دولار . وتنتج هذه المحطات 70 % من الإنتاج العالمي لتحلية المياه وخاصة السعودية التي تستأثر بحصة الأسد في التحلية بحكم انها تملك وحدها 27 محطة تنتج منها 3.36 ملايين مترمكعب بكلفة تصل الى 8.6 ملايين ريال يومياً ، أي ان كلفة المتر المكعب الواحد هو 2.57 ريال يضاف اليها 1.12 ريال بدل نقل . والسؤال هنا هو ماذا لو لم تكن دول الخليج تملك الإمكانيات المالية اللازمة لتحلية مياه البحر خاصة وان التوقعات تشير الى زيادة الإنفاق على تحلية المياه في الشرق الأوسط ليصل الى نحو 20 مليار دولار بحلول العام 2016 والى نحو 50 مليار دولار بعد ذلك بعشر سنوات . واستناداً الى ما تقدم انفاً ، وأعتماداً على الدراسات والأبحاث المختصة يتبين ان 62 % من المياه العربية من خارج العالم العربي وأن 80 % من الأراضي العربية تغطيها الصحراء وأن في العالم العربي كله 34 نهراً مستديماً فقط دون ان يكون لأي نهر منها قدرة تخزينية كبيرة او انه يدر كميات هامة من المياه . هذا الإفتقار الكبير لمادة المياه سيزداد حجماً إذا ما علمنا ان نصيب الفرد في العالم العربي عام 2025 سيكون 464 متراً مكعباً مقابل 7180 متراً مكعباً نصيب الفرد عالمياً و 3520 متراً مكعباً للفرد في اسيا و 5500 متراً مكعباً للفرد في افريقيا . وعليه فالإشكالية لن تبقى مرتبطة فقط بالأمن المائي بل ايضاً بالأمن الغذائي بالنظر للعلاقة الطبيعية التي تربط المسألتين معاً . ولإلقاء المزيد من الأضواء على هذه المسألة ارتؤي توزيع محاور الندوة وفق التالي : • محور الثروة المائية والتحديات المقبلة وسيناقش مسائل تتعلق ب : المياه والسلام العالمي النظام الدولي لتقاسم المياه المياه ومخاطر النزاعات النـاجمة عن تقاسـم منـابع ومجـاري الميــاه. • محور الثروات المائية العربية وتحديات التغييــرات المنــاخية وسيناقش الماء سلعة استهلاكية أم ثروة مشتركة للحياة ؟ التغير المناخي والبيئي والاحتباس الحراري وانعكاساتها على الثروة المائية العربية. الثروات المائية العربية وضرورة تطويرها: نظرة مستقبلية. انعكاس أمن الإمــدادات المائية على الأمن الغذائي. • محور الثروات المائية : التخطيط والبرامج الحكومية لتطوير الثروات المـائية والتكنولوجيا المتطورة ( قصص نجاح بعض بــرامج مكــافحة التصحر في الدول العـربية ) وفي هذا المحور سيتم التطرق الى : الحفاظ على الثروة المائية العربية 🙁 التلوث، الترشيد ، الري ، معالجة المياه وتحلية مياه البحر ، بناء السدود… التقنيات الحديثة الفنية والتكنولوجية) . استعراض التجـارب النـاجحة في مكافحة التصحر وتحلية المياه المالحــــة في بعض الدول العـربية. دور المنظمات الإقليمية في تنمية المشاريع المشتركة لاستغلال الثروات المائية. • محور الآفاق والحلـول المقترحة لمواجهة تحديات المسـتقبل المرتبطة بمشـاكل توفــر الميـاه في العـالم وبإدارة الثـروات المــائية والاسـتفادة منهــا ( وجهة نظر استراتيجية ) . بقلم الدكتور صالح بن بكر الطيار