جديد المركز

جنوب السودان دولة للإستثمار او للإستغلال ؟

بعد حرب ضروس استمرت نحو 22 سنة وأدت الى سقوط مليون قتيل اعلنت جمهورية جنوب السودان استقلالها التام عن شمال السودان في احتفال رسمي حضره قادة من مختلف بقاع العالم لتصبح بذلك هذه الدولة الحديثة الولادة العضو 193 في هيئة الأمم المتحدة والعضو ال 54 في القارة الأفريقية . وتمت الولادة رسمياً في 9/7/2011 بعد إجراء استفتاء شعبي في شهر يناير / كانون الثاني من العام الجاري والذي تمخض عن اعلان نحو 90 في المائة من السكان عن رغبتهم بالإنفصال عن شمال السودان . وبات لهذه الدولة عاصمة اسمها جوبا ، وشعب يتكون من 8 ملايين نسمة ، وديانة غالبة هي المسيحية ، وثروات طبيعية تشمل النفط والذهب والغابات ومياه نهر النيل وأراضي زراعية شاسعة وثروة حيوانية . ورغم ذلك فهي تعتبر الدولة الأفقر في العالم حيث لا كهرباء ولا بنى تحتية ولا صحة ولا تعليم ، وحتى الماء يشترونها السكان من بائعين متجولين يملؤن خزاناتهم من مياه نهر النيل . وإعلان جنوب السودان انفصاله عن شمال السودان لا يعني ان الخلافات بين الشطرين قد انتهت ، إذ لا زالت هناك وجهات نظر متباينة بشأن ترسيم الحدود في منطقتين هامتين هما “أبيي ” و “جنوب كردفان ” ، وكذلك وجهات نظر متباية بشأن تقاسم عائدات الثروة النفطية . وتضاف هذه المشاكل الى مشاكل داخلية تعاني منها الدولة الحديثة وتتمثل في الفقر حيث 90 في المائة من السكان يعانون من الجوع ، وفي الأمية والصحة وفي كيفية ايجاد حل نهائي للميليشيات المنتشرة في البلاد والتي سبق وجندت معظم العناصر الشابة . وإذا كان قرار انفصال جنوب السودان يعتبر انتصاراً معنوياً لقادة هذه المنطقة ، إلا انه يعتبر انتصاراً اقتصادياً بالنسبة للدول الغربية التي مارست شتى انواع الضغوطات على الخرطوم من اجل نيل موافقتها على الإنفصال ليس حباً بشعب هذه الدولة الجديدة ولا حرصاً على حماية حقوق الأقليات بل لأن جنوب السودان يعتبر رغم فقره من المناطق الواعدة فيما لو تم استثمار نفطها ومعادنها وثرواتها الزراعية والمائية بشكل علمي وعملي . وكما ان اسرائيل توظف كل طاقاتها وإمكانياتها من اجل منافسة العرب في القارة السمراء فقد كانت السباقة الى دخول جمهورية جنوب السودان منذ سنوات عندما اوفدت خبراء زراعيين للإسٍتثمار في هذا القطاع . ولهذا لم تكن اسرائيل فقط اول دولة تعترف بجنوب السودان بل اول دولة ايضاً تبدي استعدادها لتقديم مساعدات اقتصادية عاجلة . وكما العادة فإن الغائب الأكبر هم العرب رغم ان ما حصل في السودان تكتنفه الكثير من المخاطر اهمها : – ان يكون تقسيم السودان مقدمة لتقسيم العالم العربي حيث هناك خوف على اليمن والعراق وليبيا وغيرها . – ان تتحول جمهورية جنوب السودان الى قاعدة اسرائيلية في افريقيا . – ان تستغل اسرائيل مياه نهر النيل الذي يمر في جنوب السودان لإلهاء مصر والسودان في حروب افريقية بعيدة كل البعد عن شؤون وشجون فلسطين وعن هموم العرب .