ترجل سلطان الخير عن حصانه دون أن يهوي لأن المرض اتعبه رغم مقاومته له حتى الرمق الأخير .
وسارت روحه في شوارع السعودية وأزقتها تتفقد المواطنين الطيبين وتودعهم لأنهم فقدوا اباً حنوناً وأخاً رؤوفاً ، وصديقاً حميماً ، وقائداً مبدعاً تحلى طوال عمره بالدراية والحكمة والتوجيه الصحيح .
أفنى ثمانين عاماً ما بين متلقف من والده ، ومتلقن ٍ ممن ولدوا قبله من اخوة وأشقاء ، ومستمعٍ ممن يمنح النصيحة دون منة أو جميل ، ومصغٍ الى كل ما يغني عقله ويضيء بصيرته ، ومقبلٍ على كل خيرٍ دون انتظار الشكر او عبارات التبجيل .
اعطى دون سؤال ، ووهب دون تردد ، وساعد حيث يجب العون ، وساند من افتقد الداعم والسند .
كانت يده تخفي ما تفعله عن الأخرى ، وكان مقصد المحتاج ، وملجأ الشاكي ، ومرجع المظلوم ، ومنفث المهموم.
كان خجولاً في عطائه دون ان يمس الخجل رجولته ، وطيباً الى حد لا يمكن إلا ان تنجذب لشخصيته
رأس شامخ .. وعينان بريئتان مشدودتان الى الأمل .. وثغر باسم .. وجبين وضاح .. وقامة لا تلويها اعاصير ولا تكسرها رياح .
كان مقداماً إذا قرر .. وجريئاً إذا اقتنع .. ومنصفاً إذا حكم .. وملهماً إذا وجّه .
كان كالربيع إذا مر من مكان أينع .. وإذا لامس يباساً امسى أخضر .. وكالنسيم إذا هب شفى .. وكالمياه إذا سقى روى .. كان ستراً كالليل .. وضوءاً كالشمس ..وخفيف الظل كالقمر .
كان سحابة تظلل من يمكث تحت حرارة صيف .. كان كالنار يستدل بها تائه من بعيد ..
ويتدفأ بها من يشعر بالبرد ..كان الإنسان المجبول بالحب ..المفطور على الود ..
كان سلطان الخير الذي سنفتقده جسداً فيما روحه ستبقى تراقب كل ما انجز ، وما أحب ، وما كان ، وما اصبح .
ستبقى في ذاكرتنا حياً لطالما بقينا احياء .