في الوقت الذي كان فيه مجلس الوزراء يعلن عن أضخم ميزانية في تاريخ السعودية، كان أعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد يؤدون قسم اليمين معلنين بذلك بدء عملهم في مشوار شاق وشائك ولكنه ضروري جداً للبلاد والعباد .
وليس مصادفة ان يتزامن الحدثان لأن الموازنة التي تم إقرارها والتي تبلغ 690 مليار ريال (184 مليار دولار) للعام المالي المقبل، بزيادة 110 مليارات ريال عن العام المنصرم قد تكون مبالغ كبيرة منها معرضة للضياع إذا انتفى وجود مبدأ المراقبة والمحاسبة .
والجهة الوحيدة المخولة بمنع أي تسرب للمال العام هي « الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد « التي ترتبط مباشرة بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز والذي منحها عندما دعا الى إنشائها صلاحيات واسعة تشمل حرية التحرك في كافة القطاعات الحكومية دون استثناء وصلاحية الاطلاع على كل المشاريع المعتمدة رسمياً ومراجعة عقودها ومدد تنفيذها وصيانتها وتشغيلها .
وبناء عليه تكون الهيئة الآن أمام أول امتحان لها لتبرهن من خلاله مدى قدرتها في الحفاظ على المال العام في ظل موازنة وصلت الى مئات المليارات من الريالات والمخصصة لتمويل مشاريع استكمال مسيرة تطوير وتحديث المملكة العربية السعودية في سائر المجالات وفق ما خطط خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وحكومته الرشيدة ، ووفق ما زود المعنيين من توجيهات وإرشادات تصب جميعها في خانة التقدم الدائم نحو الأفضل .
ولسنا متفائلين الى حد القول ان الهيئة ستتمكن من إقفال كل «المسارب» التي كانت تخرج منها بعض أموال الدولة لأننا نعلم ان مهمة الهيئة ليست سهلة خاصة وأنها مكلفة بمكافحة الفساد والرشاوى أي انها مكلفة بمواجهة داء متفشٍ منذ زمن طويل في جسد الإدارات الرسمية وإن عملية الاستئصال تحتاج الى وقت والى جهد .. ولكن الأهم من ذلك كله تحتاج الى تعاون من كل شخص في موقعه ، كما تحتاج الى تجاوز تعقيدات البيروقراطية التي تحكمت بآليات عمل المؤسسات الحكومية فأدت الى افشال بعضها او الى اصابتها بالوهن وعدم القدرة على التقدم او على التغيير .
انه تحدٍ فعلي تخوضه «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد « وعليها ان تكون بحجم ما ألقي عليها من مسؤولية وما بني حولها من آمال ،وخاصة الآن، مع اعلان موازنة العام المقبل التي يعتبرها خادم الحرمين الشريفين انها جاءت لتعزيز مسيرة التنمية المستدامة، وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين، وتأكيد مستمر على التنمية المتوازنة بين القطاعات والمناطق.
أي أن أي تهاون من قبل الهيئة مع من اعتاد على الاغتناء غير المشروع يعني ضياع الموازنة وضياع كل آمال اولياء الأمر وضياع كل مستقبل مشرق لمملكة أراد لها حكامها أن تكون القدوة التي يحتذى بها والمنارة التي تضيء طريق كل الطامحين .