من المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي اواخر الشهر الجاري في بروكسل من أجل اتخاذ قرار نهائي بشأن وقف شراء النفط الإيراني بعد أن فشلت الاجتماعات السابقة في التوصل الى تسوية بهذا الموضوع نتيجة اعتراض إيطاليا واليونان والى حد ما أسبانيا .
وكانت التوصية الأوروبية تدعو الى مقاطعة إيران نفطياً بسبب عدم تجاوبها مع مساعي الغرب بشأن ملفها النووي لتضاف هذه العقوبات الى سلة سابقة تقضي بوقف التعامل في بعض المواد التجارية ،وفي شحن أسلحة على مختلف اختصاصاتها ، وبمنع عدد كبير من المسؤولين الإيرانيين من السفر الى أوروبا ، وبتجميد أرصدة حكومية إيرانية وودائع شخصية لمشتبه بهم بأنهم من الناشطين في الحقل النووي .
ولكن يبدو ان التوصية الأوروبية صعبة التحقق في المرحلة الراهنة لأسباب عدة أهمها :
-ان هناك شركات أوروبية تعمل في حقول نفطية إيرانية بموجب عقود طويلة الأمد مما قد يلحق أضراراً مادية جسيمة بها .
-ان مقاطعة اوروبا لشراء النفط الإيراني لن يمس سوى 18 في المائة من صادرات إيران النفطية البالغة نحو 2.5 مليون برميل يومياً ، فيما الكميات الأكبر تذهب الى أسواق الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية والتي لم تعلن هذه الدول حتى الآن عن نيتها الالتزام بالقرار الأوروبي .
-ان دولاً اوروبية تستورد معظم احتياجاتها النفطية من ايران مثل ايطاليا التي تستورد 180 الف برميل يومياً وأسبانيا 160 الف برميل يومياً واليونان 100 الف برميل يومياً وهذه الدول تعاني من أزمة مالية خانقة ولا تمتلك مرونة الآن في ايجاد بديل سريع لتأمين احتياجاتها النفطية .
-ان ايران مديونة لمجموعة «ايني «الايطالية بنفط بقيمة نحو ملياري دولار وتخشى روما أن تفقده جراء حظر أوروبي على واردات الخام من ايران. ولهذا ابدت ايطاليا استعدادها لمساندة الحظر الاوروبي على النفط الايراني طالما يجري تطبيقه بشكل تدريجي واعفاء الشحنات التي تسلم لسداد ديون طهران المستحقة ل « ايني» .
ومعلوم ان ايران تمتلك ثالث اكبر احتياطي نفطي في العالم يصل الى حدود 137 مليار برميل فيما انتاجها من الغاز الطبيعي يوميا اكثر من 600 مليون متر مكعب ، ويتوقع أن يصل حتى نهاية الخطة التنموية الخامسة الى مليار و 400 مليون متر مكعب يوميا.
كما من المعلوم ان إيران قد اعتمدت سياسة نفطية خاصة بها تقوم على التالي :
-بيع النفط لقاء حصولها على احتياجاتها من المواد الأخرى أي وفق نظام المبادلة السلعية.
-بيع كميات من النفط في السوق السوداء لقاء حصولها على مبالغ نقدية من العملات الصعبة حتى وإن يكن سعر البرميل اقل مما هو محدد من قبل منظمة اوبك .
وعليه فإن أي اجراء أوروبي سيتم اتخاذه أواخر الشهر الجاري لم يكن سوى اجراء ذي مفاعيل سياسية فيما الأجدى الذهاب الى مجلس الأمن لاستصدار قرار ملزم لكل الدول ، وعندها قد تجد طهران نفسها ملزمة بالتعاطي ايجابياً مع الملف النووي مهما علت صرخاتها ومهما ارتفعت حدة تهديداتها بأنها ستغلق مضيق هرمز لأن العقوبات الإقتصادية قد بدأت تعطي ثمارها خاصة وأن العملة الإيرانية قد خسرت مؤخراً الكثير من قيمتها الشرائية نتيجة ما استجد من عقوبات عليها .