تسعى الصين بكل ما تملك من إمكانيات الى تعزيز علاقاتها الإقتصادية مع العالم العربي وخاصة مع دول مجلس التعاون مستفيدة من الفائض المالي الكبير لدى هذه الدول ومن المخزون النفطي لديها والذي باتت الصين تعتمد كثيراً عليه اليوم خاصة في ظل ما يشاع عن احتمال فرض حظر دولي على صادرات النفط الإيراني .
وتنفيذاً لهذه الرغبة قام رئيس وزراء الصين ون جياو باو الأسبوع الماضي بجولة شملت المملكة العربية السعودية حيث التقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ومن ثم انتقل الى قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة .
وتعدّ الدول العربية سابع أكبر شريك تجاري للصين. وتبلغ الاستثمارات بين الجانبين العربي والصيني ما يقارب 18 مليار دولار، منها 15 ملياراً استثمارات صينية في الدول العربية في مجالات الطاقة والنفط والصناعات البتروكيماوية والبنى التحتية وقطاع النقل والمواصلات.. إلى جانب التعاون في مجال التقنيات الحديثة والصناعة الإنتاجية والقطاع السياحي وقطاع الأثاث والمفروشات وكذلك قطاع الأجهزة الإلكترونية وتقنية المعلومات وقطاع مواد البناء.
وإضافة الى الإستثمارات تمثل الصين أكبر شريك تجاري لمعظم الدول العربية وسائر دول العالم الآخر حيث بلغ إجمالي وارداتها وصادراتها نحو 3 تريليونات دولار عام 2010 مقابل 20,6 مليار دولار في عام 1978 وذلك بفضل تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي، ومعدلات النمو المرتفعة التي تصل الى ما بين 15 % إلى 17 % سنوياً .
فالمبادلات التجارية على سبيل المثال وصلت بين السعودية والصين الى 58 مليار دولار ، ومع الإمارات الى 61 مليار دولار خلال الخمس سنوات الماضية .
وبما ان الدول العربية ذاهبة باتجاه زيادة حجم الإستثمارات لديها والتي بلغت نحو 640 مليار دولار عام 2011 ، كما انها ذاهبة بإتجاه رفع قيمة المبادلات التجارية مع الخارج لتصل الى نحو 2.3 تريليون دولار . وبما ان دول مجلس التعاون وحدها تتجه الى رصد 630 مليار دولار حتى العام 2020 لتطوير وتحديث البنى التحتية ،
وبما ان الصين تسعى إلى اجتذاب استثمارات مباشرة ابتداء من هذا العام، تصل في متوسطها إلى 120 مليار دولار بمعدل زيادة 9 % في السنوات الأربع القادمة، وتخصيص ما يقارب 1,7 تريليون دولار لضخّها في القطاعات الاستراتيجية ،
لذلك من الطبيعي ان تولي الصين اهتماما استثنائيا بالعالم العربي وبدول مجلس التعاون خاصة وأن السياسة التي تنتهجها الصين في ظل الثورات العربية ، وما يدور من اشتباك سياسي حول الملف النووي الإيراني ، وما يجري بشأن مسار السلام في الشرق الأوسط قد جعل من بكين على مسافة واحدة تسمح لها بأن تكون على علاقة طيبة مع الجميع دون تحيز او اصطفاف مع أي طرف انطلاقاً من قاعدة ذهبية تعتمدها الصين ومفادها ان الأولوية للتنمية الإقتصادية دون السياسة ودهاليزها وما تجلب من خصومات اكثر مما تأتي بصداقات !!.