جديد المركز

الغرف العربية المشتركة مهمة.. ولكن!

عرضنا في مقال الأسبوع الماضي أهمية الغرف العربية – المشتركة ودورها في تعزيز العلاقات البينية بين عالمين مهمين، كما أتينا على ذكر المهام الملقاة على عاتق الغرف.

وفي هذا المقال رأينا وجوب الحديث عمّا يعرقل دور الغرف العربية – المشتركة ويحد من تطورها، ويمنع عليها تحمل مسؤولية ما ألقي عليها من أعباء.

وبحكم تجربتي الشخصية كأمين عام للغرفة التجارية العربية – الفرنسية، كما بحكم تواصلي شبه اليومي مع الغرف المشتركة في كل أنحاء أوروبا فقد اتضح لي التالي:

– أولًا: حسب أنظمة الغرف العربية المشتركة يكون الرئيس شخصية مرموقة سياسيًا واقتصاديًا من جنسية دولة المقر يرشحه مجلس الإدارة بشقيه العربي والأجنبي ويتولى مسؤولية تمثيل الغرفة لدى المؤسسات الوطنية ورئاسة مجلس الإدارة، في حين أن الأمين العام يقدم ويعرض ترشيحه من مجلسه أو الاتحاد الوطني الذي ينتمي إلى جنسيته إلى الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية الذي يعرض الترشيح على مجلس إدارته ويصادق عليه ويرفعه إلى مجلس إدارة الغرفة ذات العلاقة لتصديق تعيينه ويكون بذلك الرئيس التنفيذي لإدارة شؤون الغرفة ومتابعة تنفيذ أنشطتها المعتمدة من مجلس إدارتها.

– ثانيًا: إن معظم الذين يتولون في أوروبا منصب رئاسة الغرف المشتركة هم من المتقاعدين من سفراء سابقين أو وزراء سابقين أو ما شابههم مما يعني أنهم يفتقدون لامتلاك أي سلطة، وأن قبولهم بمنصب رئاسة الغرفة المشتركة إنما هو نوع من «البرستيج» الاجتماعي حيث يستفيد الرئيس من راتب، ومن موقع، ومن بدل المصاريف، ومن تغطية كل أسفاره التي غالبًا ما تكون من أجل التعرف على العالم ولكن تحت صفة «زيارة عمل».

– ثالثًا: وجود رئيس أجنبي في الغرفة إلى جانب مسؤول عربي يعني وجود أسلوبين في العمل، وهاجسين مختلفين، وعقليتين، خاصة وأن الرئيس يفسر نظام الغرفة الأساسي بما يتماشى مع مصالحه، ويصطدم بممارسات الأمين العام وصلاحياته التي يمنحها له النظام، لدرجة تتداخل في بعض المواقع إلى حد أنها تشل عمل الغرفة أكثر مما تساهم في تفعيلها وتطويرها.

وقد يتساءل البعض عن الحل الممكن له إعادة تصويب عمل الغرف المشتركة؟!
والجواب برأيي موجود بين أيدي الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة العربية المشرف على أنشطة هذه الغرف المشتركة وذلك من خلال آليات تنظيمية تحمي الجانب العربي ومصالحه، منها:

  1. ضرورة إعادة هيكلة الغرف المشتركة إداريًا وتنظيميًا ولوجستيًا لجهة تصويب التمثيل الأجنبي ليكون أسوة بالتمثيل العربي.
    2- باعتبار أن الجانب العربي هو الجانب القوى في معادلة الشراكة لهذه الغرف.. فعليه أن يمنح الجانب العربي حق مراقبة نشاط رئيس الغرفة لأجنبي وعزله في حال تجاوزه صلاحياته كما هو الحال بالنسبة للأمين العام.
  2. 3- منع الأعضاء العرب في مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية من منح تفويضات لتمثيل المتغيب منهم إلى أي عضو أجنبي حفاظًا على مبدأ المساواة والمناصفة بين الجانبين العربي والأجنبي.
  3. 4- مشاركة ممثلي الاتحادات والمجالس التجارية العربية الأعضاء في الغرف المشتركة في كل اجتماعات وهيئات الغرفة المختلفة.
  4. 5- باعتبار أن الجمعية العامة لهذه الغرف تتمثل في الشركات الوطنية المنتسبة إلى الغرفة وأعضاء الجانب العربي الذين يمثلون 24 اتحادًا عربيًا بالإضافة إلى الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية والأمين العام لاتحاد غرف التجارة والصناعة للبلاد العربية وكذلك أمين عام الغرفة العربي الأصل، فعلى سبيل المثال: إذا كان مجموع الأعضاء من الشركات الوطنية يتجاوز المائة عضو على أقل تقدير والجانب العربي لا يتجاوز الثلاثين عضوًا.. فإن الجانب العربي يمثل 25% من مجموع أعضاء الجمعية العمومية الأمر الذي يفقد مبدأ المناصفة بين الجانبين العربي والأجنبي التي تقوم عليها هذه الغرف.. ويجعل من الضروري منح الجانب العربي حق الأقلية المعطلة في التصويت على أي قرارات يصدرها مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية على أساس أن الممول الرئيسي لأنشطة الغرفة المشتركة هو الجانب العربي (الدول العربية) من خلال تصديقات المستندات التجارية.
  5. بمعنى أن أي قرار لا يمكن أن يتم التصويت عليه إذا لم يكن ضمن المصوتين عليه 30% من الأعضاء العرب لإبطال أي قرار أو مقترح يتقدم به الجانب الأجنبي لا يخدم المصالح العربية.
  6. 6- أما على المستوى الرسمي فهناك مآخذ أيضًا تعيق عمل الغرف المشتركة وأهمها أن مجلس السفراء العرب في أي عاصمة أجنبية توجد بها غرفة مشتركة عليه أن يمنح هذه الغرف أهمية أسوة بالمؤسسات الاقتصادية الوطنية الأخرى من خلال المساهمة في استقبال كبار مسؤوليهم رفيعي المستوى ليرتب لقاءات واجتماعات مع رجال المال والأعمال في الدولة المضيفة رغم أن مجلس السفراء العرب يستفيد ماليًا من عائدات الغرف المشتركة لأسباب ما زلت أجهلها حتى الآن.
  7. وأخيرًا.. هناك الكثير من الأفكار التطويرية التي يمكن دراستها عندما تتوفر نيات التغيير.