جديد المركز

نظرة على واقع المطوفين والأدلاء “2-2”

بعد ان استعرضنا في الأسبوع الماضي مشكلة مؤسسات الطوافة والدلالة حري بنا هنا ان نشير بكل وضوح الى مكامن الخلل املين ان تلقى هذه المشكلة كل اذان صاغية دون ان يكون لنا غرض شخصي بل حرصاً منا على اقدس مقدسات المهن وهي مهنة الطوافة والدلالة التي كانت ومازالت في الأصل امتيازاً لعائلات مكية ومدنية منذ العهد العثماني ثم تبناها المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز الذي خص عدداً من عوائل مكة المكرمة والمدينة المنورة نيل شرف خدمة حجاج بيت الله الحرام إلى أن تم تحويل هذه الخدمة إلى عمل مؤسسي من خلال نظام مؤسسات الأدلاء ومؤسسات مطوفي الجنسيات والأقاليم المختلفة في مكة المكرمة وما استتبع ذلك من مورد للرزق .
فبعض المؤسسات المعنية بالطوافة والدلالة تعقد سنوياً جمعيات عمومية وهمية وتلزم المطوفين والأدلاء التوقيع على محاضرها التي تتضمن الموازنة وجداول المصروفات والواردات دون ان يتسنى للموقِّع ان يطلع على أي تفاصيل تحت التهديد بالطرد من العمل مما يعني انها لا تعقد سنوياً أي جمعية عمومية فعلية بل مجرد جمعيات عمومية وهمية لتحمي نفسها من أي ملاحقة قانونية .
يضاف الى ذلك فقد تم تخصيص كل مؤسسة للطوافة والدلالة بمساحة معينة تتسع لعدد محدد من الخيم لاستيعاب الحجاج في مكة وفي المدينة المنورة ، ولكن الذي يحصل ان بعض هذه المؤسسات تعطي الأولوية لعلاقاتها الشخصية ولمنفعتها المادية بحيث تحشر اكثر من 20 حاجاً في خيمة واحدة فيما تخصص خيمة بنفس المساحة لشخصين او لثلاثة اشخاص على الأكثر من ذوي الوساطة والامتياز رغم ما لهذه الخطوة من مخاطر بحيث لو شب أي حريق او حصل أي ماس كهربائي فإن النتيجة ستكون كارثية على من حشرتهم المؤسسة تحت سقف قماشي واحد .
وهذه المؤسسات لا تخضع سنوياً لأي رقابة ولا لأي متابعة من أصحاب الشأن ،كما لا يقوم بالتدقيق بعملها أي مفتش أو حسيب أو رقيب .
كما ان هذه المؤسسات قد سمح لها بتوظيف مطوفات ودليلات من النساء ممن يجب ان يخضعن لدورات تدريبية للقيام بواجبهن على اكمل وجه ، ولكن الذي يحصل هو ان بعض المؤسسات ترفض توظيف المطوفات والدليلات وتطلب منهن توكيل أحد الأقرباء من الرجال الى حد ان المطوفات والدليلات اللواتي لا يقل عملهن اهمية عن عمل المطوفين والأدلاء بتن كالعملة النادرة في مواسم الحج .
من هنا نناشد اصحاب الشأن ان يتم مبكراً ايلاء عمل مؤسسات الطوافة والدلالة الأهمية التي تستحقها لكي يشعر المطوف والدليل انه محترم في عمله لجهة ان لديه حقوقا لا تزول بمزاجية أحد ، وعليه واجبات لا تلتغى لمجرد انه يعرف فلانا او قريبا من علان .
وكلي ثقة ان اولياء امرنا لا يقبلون بذلك لأنهم سخروا كل الطاقات والإمكانيات لتوسعة الحرمين الشريفين ولتوفير افضل ظروف الراحة للحاج او للمعتمر .
ولطالما ان لكل أمر بداية ،فإننا نرى ان البداية من اجل تطوير وتحديث مهنة الطوافة والدلالة يجب ان تأخذ بعين الإعتبار المقترحات التالية :
1.المؤسسات وبعد أكثر من ثلاثة عقود على تأسيسها لا تزال بدون نظام معتمد، بل تعمل وفق مجموعة من اللوائح والقرارات والتعليمات بدون مرجعية نظامية وهذا ما يستوجب تعيين المرجعية .
2.لا تزال المؤسسات تجريبية على الرغم من مرور خمس سنوات على قرار مجلس الوزراء القاضي بتثبيتها إلا أن إجراءات التثبيت لم تنتهِ بعد وهذا ما يستوجب الإسراع في اجراءات التثبيت التي لا تستحق انتظار كل هذه الفترة الزمنية .
3.أدى الوضع التجريبي إلى معطيات سلبية مثل انعدام الأمن الوظيفي وعدم القدرة على التخطيط الطويل الأجل،وغياب الاستثمار وابتعاد الكفاءات ، ومن هنا المأمول ان تتحول الفترة التجريبية الى حالة دائمة وثابتة مع ما يستدعي ذلك من ضمان الأمن الوظيفي والمعيشي .
4.أجور خدمات مؤسسات أرباب الطوائف ثابتة منذ أكثر من 35 عاماً مع التعليمات الملحة والمتزايدة بتطوير وتجويد الخدمات مما أفضى إلى تآكل الأرباح، وتكفي الاشارة أن أجر خدمات الدليل في المدينة المنورة هو 35 ريالاً أي أقل من عشرة دولارات رغم كل ما طرأ على مستوى المعيشة من تطورات وتغييرات مما يعني ان المأمول اعادة النظر بالتعرفة لتتوافق على الأقل مع التحولات الاقتصادية التي شهدتها المملكة .