في أول زيارة له الى العالم العربي اختار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المملكة العربية السعودية التي يصلها اليوم الأحد 4/11/2012 لعقد اجتماعات متتالية مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وولي عهده الأمير سلمان بن عبد العزيز وكبار قادة المملكة من المهتمين بالشأن السياسي والاقتصادي والأمني .
وتولي دوائر القرار الفرنسي أهمية خاصة لهذه الزيارة وتعلق عليها آمالاً كبيرة بالنظر لقدم العلاقة بين البلدين وصلابتها ولأن المملكة تشكل وزناً سياسياً واقتصادياً مميزاً حيث باتت عضواً اصيلاً في مجموعة دول العشرين وضيفاً في مجموعة الدول الثماني ، يضاف الى ذلك قدراتها النفطية وأسواقها الإستهلاكية .
ولقد وصفت دوائر الإليزيه السعودية بأنها «شريك استراتيجي» لفرنسا و«شريك اقتصادي بالمعنى الكامل للكلمة» بالنظر لكثافة العلاقات بين الطرفين وإلى حضور الشركات الفرنسية في السوق السعودية وللمشاريع التي تقوم بتنفيذها هناك، فضلا عن رغبة فرنسا أن «تواكب» المملكة في برامجها الإنمائية الضخمة. كما تريد باريس أن توثق علاقاتها الثنائية مع الرياض في الميدان الثقافي والتبادل الجامعي بعد أن وصل عدد الطلاب السعوديين الحائزين على منح إلى فرنسا نحو 1200 طالب.
وتقول أوساط الأليزيه ان الرئيس هولاند لا يحمل معه أي عروض لإتفاقيات محددة وانما يحمل معه تمنيات بأن تكون باريس شريكة أساسية في حركة النهضة التي تشهدها المملكة على كافة المستويات .
وتؤكد مصادر الإليزيه ان الرئيس هولاند «لا يذهب إلى جدة لتوقيع عقود بل لإقامة أول اتصال مباشر مع العاهل السعودي» وأنه ينوي لاحقا العودة إليها في زيارات أطول.
وترى أوساط الأليزيه ان الرئيس هولاند يريد اعادة تصويب العلاقة ودخول العالم العربي والإسلامي من البوابة السعودية بعد ان ارتكب الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي ، برأي المقربين من الإليزيه ، خطأ فادحاً حين عمد الى تهميش العلاقة مع الرياض على حساب تعزيزها مع قوى أخرى في المنطقة والتي راهن على حجم استثماراتها داخل فرنسا وعلى المساعدات التي ستقدمها لتنمية المناطق الفرنسية الفقيرة والمخصصة للمناطق حيث الأكثرية الإسلامية .
وترى ادارة هولاند انها مضطرة لإخضاع هذه المساعدات للمراقبة في كيفية صرفها تفادياً للإنتقادات التي طرحتها ” الجبهة الوطنية ” اليمينية المتطرفة .
كما ترى ادارة هولاند ان استراتيجيتها تقوم على خلق نمط من التوازن في العلاقة مع كافة الدول العربية لأن لكل دولة مكانتها ودورها ومصالحها ، كما لفرنسا ايضاً مصالحها ومنافعها .
من هذه الأبعاد تتضح اهمية زيارة هولاند الى الرياض التي يؤمل لها ان تكون بداية بناء علاقة تكفل اعادة تصويب ما اعتراها من تراجع في الحقبة الماضية ، كما تشكل منطلقاً لرؤى مشتركة ليس فقط في المجال الإقتصادي بل ايضاً في مجالات أخرى متعددة لا تقل اهمية وعلى رأسها المخاطر النووية الإيرانية والملف السوري والقضية الفلسطينية .