منذ اندلاع الأزمة المالية في أوروبا والتي طالت بشكل أساسي عدة دول في منطقة اليورو مثل ايطاليا واليونان والبرتغال وأسبانيا وإيرلندا وقبرص والتفتيش جارٍ على قدم وساق عن حلول ناجعة تنقذ هذه الدول من الإفلاس كما تنقذ عشرات المصارف من إغلاق ابوابها .
ولم يجد المسؤولون المعنيون لحل هذه المعضلة سوى اللجوء الى فرض ضرائب جديدة اثقلت كاهل المواطنين وحمّلتهم اعباء لا طاقة لهم عليها في ظل تدني مستوى النمو ، وحصول تضخم ، وزيادة حجم الدين الداخلي والخارجي ، وإرتفاع نسبة البطالة لتشمل اكثر من 10 ملايين شخص .
ففي اليونان كان الحل بالإستدانة وفرض سياسة تقشف قاسية ورفع الضرائب الأمر الذي دفع بالمواطنين الى الخروج الى الشارع للإعراب عن رفضهم لهذه السياسة التي حرمتهم امكانية شراء حتى المواد الأكثر ضرورة . وكذلك الحال كان في إيرلندا والبرتغال وأسبانيا وقبرص .
وفي ايطاليا عمدت الدولة الى فرض ضرائب كبيرة على القطاع العقاري الأمر الذي كلف العاملين في هذا القطاع نحو 5.5 مليار دولار عام 2012 .وتعتبر هذه الضريبة هي الشعار الأول الذي يرفعه رئيس وزراء ايطاليا الأسبق سيلفيو برلسكوني في حملته الإنتخابية حيث يعد المواطنين برد فوري للضريبة العقارية التي أقرتها حكومة خليفته ماريو مونتي إذا فاز الائتلاف المحافظ في إيطاليا في الانتخابات المقررة في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وفي فرنسا قررت الحكومة اقتطاع ما نسبته 70 في المئة من ارباح رجال الأعمال الذين يكسبون مليون يورو وما فوق سنوياً ، ولكن المجلس الدستوري رفض هذه الضريبة لأنها غير قانونية ، ولأن من اولى نتائجها هروب الكثير من الرأسماليين الفرنسيين الى خارج البلاد واللجوء الى دول ارحم ضرائبياً مثلما فعل الممثل جيرارد دوبارديو الذي تخلى عن جواز سفره الفرنسي واكتسب الجنسية الروسية .
ويتضح من وراء ذلك ان الحل عبر فرض ضرائب جديدة لم يكن الخيار الأمثل لأنه زاد من سوء الأحوال الاقتصادية بدليل ان دراسة اعدتها وزارة الأقتصاد الروسية مؤخراً تشير إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا في نهاية العام الماضي، وأيضاً انخفاض في حجم الإقراض في “منطقة اليورو” ، وأن حجم الإقراض واصل الانخفاض بصورة مطردة ، خاصة الإقراض للشركات غير المالية.
وقالت الدراسة ، إن الإقراض العقاري استمر في النمو الضعيف، بينما تباطأ نمو المعروض النقدي في “منطقة اليورو” بشكل ملحوظ، مضيفة أنه في الوقت الذي استقر فيه الوضع إلى حد ما، فإن البنك المركزي الأوروبي يقوم بتشديد سياسته، على الرغم من تدابير دعم السيولة، وغيرها من الأساليب التي تجعل عملية الإقراض أيسر. لكن ما يدعو للقلق، وفقاً للدراسة الروسية، هو تراجع محفزات الإقراض من قبل البنوك والعملاء، وبخاصة القطاع غير المالي، وهو ما يؤجل نقطة التحول نحو بدء التعافي لفترة غير محددة في منطقة اليورو.