جديد المركز

هل يخسر لبنان ثروته النفطية ؟

تفيد آخر الإحصاءات أن مديونية لبنان وصلت الى حدود الستين مليار دولار ،وأن نسبة النمو انخفضت من 7 الى 2 في المائة ،وأن معدل البطالة ارتفع الى حدود 25 في المائة ،وأن أزمة اقتصادية خانقة تحاصر البلاد بسبب الخلافات السياسية الداخلية وبسبب التوترات الأمنية التي منعت السياح من القدوم الى لبنان كما دفعت بالمستثمرين إما الى بيع مشاريعهم وإما الى التوقف عن ضخ أي رساميل جديدة .
يضاف الى ذلك تداعيات الأزمة السورية التي انغمس لبنان الشعبي فيها رغم إعلان السلطات الرسمية مبدأ ” النأي بالنفس ” .
ويأتي كل ذلك في وقت بدأت فيه شركات عالمية اصدار نتائج دراسات علمية بينت ان مياه لبنان غنية بالنفط والغاز وأن بر لبنان قد يعد باكتشافات نفطية كبيرة الى حد ان إحدى الدراسات قدرت قيمة مخزون لبنان حتى الآن بحوالي 125 مليار دولار أي ما يساوي أضعاف الديون المتوجبة عليه .
وتقول الجهات الرسمية المعنية ان لبنان سيباشر التنقيب عام 2015 على ان يبدأ الإنتاج بعد ذلك بنحو ثلاثة اعوام . ولهذا يتوافد الى بيروت اليوم مبعوثون رسميون من سائر اقطار العالم بحثاً عن احتمال الحصول على استثمارات نفطية واعدة .
ولكن المشكلة الأكبر تكمن في ان لبنان منقسم سياسياً وطائفياً ومذهبياً وأن الجميع دون استثناء بعيدون عن أي حس وطني مسؤول ولا يفكرون إلا بمصالح فئوية خاصة الى حد ان كل طرف يعتبر نفسه انه على صواب وأن الطرف الآخر لا يجيد إلا ارتكاب الأخطاء .
ولعل هذا ما غيَب ظهور أي مشروع جدي كفيل بأن تلتقي حوله كل الأطراف بعيداً عن المحسوبيات والارتهانات ويكون كفيلا بأن ينقذ المواطن من براثن الجوع والمرض والحاجة .
وما مشروع استخراج النفط والغاز من مياه لبنان وبره إلا خير مثال على ذلك بدليل انه تم الإعلان عن وجود هذه الثروة في مياه البحر الأبيض المتوسط منذ سنوات في مناطق تخص لبنان وسوريا وإسرائيل وقبرص .
وبما ان سوريا غارقة في وحول أزمتها فإنها لم تهتم جدياً بهذا الموضوع كما فعلت اسرائيل وقبرص اللتان باشرتا التنقيب والحفر لا بل تردد ان تل ابيب اصبح باستطاعتها البدء بالإنتاج والتسويق فيما لبنان امضى عدة سنوات وهو يفتش عن كيفية وضع قوانين تتحدد بموجبها الجهة الرسمية التي يجب عليها الإشراف على هذه الثروة ، ومن ثم أضاع لبنان أشهراً طويلة من أجل تأليف هيئة ناظمة لقطاع النفط ، وأشهراً أخرى من أجل إعداد الدراسات واستدراج العروض التي لم يجر حتى الآن فضها بغية تلزيم المشاريع الى الجهات المناسبة .
ومن المؤكد انه في ظل ما يعانيه لبنان من توترات وخلافات ان لا يتم التوصل الى مرحلة الاستخراج والتسويق إلا بعد سنوات وسنوات الأمر الذي سيعرض هذه الثروة للضياع أو لفقدان قيمتها المالية بحيث انها قد تصبح بالكاد تسدد ما سيتراكم على لبنان من ديون .