جديد المركز

العالم العربي يغرق في مستنقع البطالة والمديونية

من المتوقع أن تصدر منظمة العمل العربية أول تقرير حول سوق العمل العربي الشهر المقبل بعد أن تم إنجاز كل التحضيرات التي تكفل موضوعيته وملامسته الكبيرة للواقع العربي المعاش.
وسبق ذلك احتضان الجزائر من 15 الى 22 ابريل الدورة الأربعين لمؤتمر العمل العربي بمشاركة وفود من 20 دولة عربية يمثلون أطراف الإنتاج التي تضم الحكومات والنقابات ورجال الأعمال .
ولقد باتت مثل هذه التقارير والملتقيات تستأثر باهتمام كبير من قبل صنَاع القرار العربي لأن مرض البطالة المتفشي لم يعد هامشياً وسهل المعالجة بل أصبح متجذراً في معظم البلدان العربية وتتسع مساوئه مع ما لذلك من انعكاس سلبي على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
فنسبة البطالة ارتفعت في العالم العربي 2% عام 2012 لتصل النسبة الإجمالية الى 14 % أي ما يعادل 20 مليون عاطل عن العمل رغم ان هذه الأرقام ليست دقيقة حيث هناك تقديرات أخرى تتحدث عن أعداد أكبر بكثير .
ويعلل المختصون الأسباب بأنها تعود الى تراجع الاستثمار الداخلي والخارجي بسبب الظروف التي تمر بها بعض الدول العربية التي شهدت ثورات والتي كان من نتائجها انشغال السلطويين الجدد بإنجازاتهم السياسية دون أدنى اهتمام بالوضع الإقتصادي حيث زادت معدلات الفقر والحاجة والمرض وزادت معها نسبة مديونية الدولة وخاصة في مصر التي تخوض مباحثات شاقة مع صندوق النقد الدولي من أجل استدانة أكثر من 4 مليارات دولار ، وفي تونس التي تخوض مفاوضات مماثلة مع نفس الجهة المالية من أجل استدانة 1.7 مليار دولار .
والواقع نفسه ينطبق على اليمن ، ولكن هناك أسباب أخرى تعاني منها دول لم تكن في اتون الثورات مثل الأردن والسودان والجزائر والمغرب ولبنان التي تقول إحصاءات غير رسمية ان نسبة البطالة فيها وصلت الى نحو 25 % ، وأن لبنان بحاجة الى 23 ألف فرصة عمل سنوياً لتغطية متطلبات الشباب الذين بلغت نسبة البطالة في صفوفهم 34 % ، و 24 % في صفوف النساء و14 % في صفوف حملة الإجازات الجامعية .
اما عن سوريا فإنها خارج أي تدقيق علمي لأن الخسائر التي لحقت بها منذ اندلاع الثورة حتى اليوم فادحة جداً الى حد ان بعض المختصين يقولون ان سوريا بحاجة حتى الآن الى نحو 175 مليار دولار لإعادة إعمار ما تهدم .
وعندما نتحدث عن أرقام البطالة فلا نعني فقط ما لها من تأثير اقتصادي ، بل هناك تداعيات اجتماعية وسياسية وتربوية وأخلاقية خطيرة لأن من لا يجد عملاً قد ينحرف باتجاه ارتكاب الجرائم والسرقات والممارسات اللاأخلاقية مما يعني ان أي دولة عربية في حال نجحت في القضاء على الجزء الأكبر من البطالة فإنها ستحتاج الى فترة طويلة من أجل القضاء على تداعيات البطالة .
والمؤسف أن معظم الدول العربية لم تتعاطَ يوماً بجدية مع هذه التحديات لأن هدف أكثرية من في السلطة هناك هو تكريس سياسة الفساد وتعميم ثقافة الرشاوى .