جديد المركز

إلى متى يبقى العالم تحت رحمة الدولار ؟!

لا زال الموقع الاقتصادي الدولي للولايات المتحدة الأميركية في المرتبة الأولى رغم كل الدراسات والأبحاث التي بشرت بعكس ذلك بعد الأزمة المالية المفجعة التي منيت بها قبل سنوات قليلة .
كما لا زالت 90 في المائة من دول العالم تعتمد على الدولار في المبادلات التجارية ، كما تعتمد على الدولار كعملة أساسية في احتياطاتها النقدية .
ولا زال الدولار الأميركي هو العملة الدولية الوحيدة غير الخاضعة للتغطية الذهبية منذ العام 1973 .. ولا زال الدولار ايضاً هو العملة التي يتم على أساسها تسعير معظم المنتوجات العالمية من السلع الأساسية والضرورية حتى السلع الثانوية والكمالية .
ولعل هذا ما سمح للخزانة الأميركية ان تتحكم بمسار الإقتصاد العالمي وأن تمسك بكل مفاصله الأساسية الى حد ان ما من أحد على المستوى الفردي أو المؤسساتي أو على مستوى دولة إلا وخاضع بأمواله وتحويلاته وصفقاته وودائعه ومدخراته وديونه وقروضه لرقابة أميركية صارمة من منطلق أن أي معاملة مصرفية تتم بالدولار يجب أن تمر عبر نيويورك.
ويحق للسلطات المالية الأميركية أن توقف أو ترفض أي معاملة أو تحويل لمجرد الشك بمصدرها أو بالجهة المرسلة اليها ، ودون أن تكون ملزمة بتبرير الإجراءات التي اتخذتها أمام أي جهة دولية .
والأحداث التي جرت في أميركا في 11 سبتمبر عام 2001 وما أعقبها من قرار بمكافحة الإرهاب قد أتاحت لواشنطن التلطي وراء هذا الشعار ، وإلزام كل دول العالم بالتعاون معها وبتزويدها بما تحتاجه من معلومات عن أي جهة مادية أو معنوية ، وبالكشف أمامها عن أي حساب تابع لأي يكون وفي أي مكان في العالم ، وإلا تم توجيه تهمة التعاون مع الإرهابيين لهذه الجهة أو تلك ، مع ما يستتبع ذلك من فرض عقوبات أو من حجز أرصدة .
وكان الملاحظ أن رقابة صارمة كانت تفرض على المبالغ الكبيرة التي يتم تحويلها ولكن ذهبت الإجراءات الآن الى أبعد من ذلك بحيث حتى المبالغ المتواضعة التي تزيد عن الألف دولار باتت موضوعة تحت الرقابة، وبات أي عميل مضطراً لأن يقضي وقته في المصرف الذي يتعامل معه في تعبئة استمارات لا تعد ولا تحصى عن اسمه وكنيته ،ومجال عمله ،ومحل سكنه ،وعدد أفراد عائلته ومن هم أقرباؤه وأنسباؤه ، والجهات التي يتعامل معها ،والأسباب الموجبة لهذا التعامل . الى ما هنالك من متطلبات أخرى لا تنتهي عند حد معين .
وبالمقابل نرى أن التنظيمات الإرهابية لا زالت تقوم بأنشطتها وتوفر ما تحتاجه من أموال دون أن نسمع على سبيل المثال انه تم وضع اليد على حساب مصرفي تابع لجهة مشكوك بأمرها أو مصادرة أموال كانت مخصصة للتبييض مما يعني أن الإجراءات التي تتخذها السلطات المالية الأميركية ليست سوى إجراءات ذات أبعاد اقتصادية وسياسية بهدف ضبط حركة الاقتصاد العالمي والإبقاء عليه تحت رحمتها .
فحبذا لو تمكن اليورو من أخذ موقع عالمي مهم ، أو حبذا لو ان الين او اليوان او الأسترليني يخرج الى سوق الصرف العالمي بنفس فاعلية الدولار ، أو حبذا لو يتم تفعيل فكرة الريال العربي وأن تفرض الدول النفطية مبيعاتها على أساسه لما بقي العالم تحت رحمة الدولار .