ثماني سنوات مضت على تولي خادم الحرمين الشريفين سدة الحكم في المملكة العربية السعودية، والتي هي امتداد لمسؤوليات كبيرة كان يتولاها الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ سنوات طويلة، وفي مواقع متعددة، إلى جانب إخوانه من الملوك الراحلين الذين نسأل الله العلي القدير أن يتغمدهم بواسع رحمته، وأن يسكنهم فسيح جنانه.
ثماني سنوات مضت، لم يشهد خلالها السعوديون إلا الرخاء والعطاء، والمزيد من التقدم والتطور والنمو، والأمن والأمان والاستقرار، في وقت كانت فيه معظم دول العالم تغرق في أزمات مالية واقتصادية، ومعظم الدول الإقليمية تسبح في بحور من الفوضى والاقتتال، والترهيب والتدمير، والسرقة والفساد، والرشوة والجوع، والفقر والمرض.
ثماني سنوات اعتلت خلالها المملكة العربية السعودية المكانة الأسمى في تكتلات دولية، والموقع الأرفع في مسار خدمة الإنسانية، والمحل الأشرف في خدمة الدين الإسلامي الحنيف، وكانت الرائد الأول في حوار الأديان والحضارات، نابذة للعنصرية، ورافضة للمذهبية والطائفية.
ثماني سنوات أحيت خلالها المملكة العربية السعودية روح الحوار بين أبنائها، وكرّست مبدأ التعاون والتفاهم بين الشعوب، وعمّقت ثقافة السلام والوئام، ونبذت الحروب، وتصدّت لأعاصير الطبيعة، حيث ساندت من عانى من طوفان، أو أغرقت حقله سيول، أو أصابه وباء، أو دمّر منزله هزة أرضية أو زلزال، أو شردته نكبة، أو لحق به ظلم، أو هدَّده جوع أو مرض.
ثماني سنوات، بلا كلل أو ملل، يتابع خادم الحرمين الشريفين كل شاردة وواردة، وكأني به قد نذر نفسه لمتابعة كل ما يحصل من مشارق المملكة إلى مغاربها دون أن يغمض له جفن عن رعيته، حتى بات كالعين التي تسهر على مريض ليواسيه، وعلى محتاج ليعطيه، وعلى رب أسرة ليؤازره، وعلى تلميذ ليزرع فيه حب العلم، وعلى عَالِم ليُثيبه، وعلى جندي ليُشجِّعه، وعلى شرطي ليناصره، وعلى مظلوم ليعيد له حقه، وعلى ظالم ليحاسبه، وعلى فاسد أو مرتشٍ ليقاصصه، وعلى مبدع ومخلص وصاحب كف نظيف ليكافئه.
ثماني سنوات والخير يتدفق من بين يديه، وينبوع العطاء لم يجف، وهو يسأل ربه الغفران إن سها دون أن يقصد، أو إن قصّر دون أن يتعمد.
هذا هو الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي ندعو له في قعودنا وقيامنا بطول العمر ونعمة الصحة والعافية، وهذه هي مدرسته التي نتمنى لو ننهل القليل من علومها، لأنها كالبحر الواسع كلما غصنا في أعماقه كلما اكتشفنا المزيد من الدرر.
نبايعك يا سيدي والبيعة علينا عهد ووعد، ونجدد لك مع صبيحة كل يوم يمين الطاعة والوفاء، وندعو لك من قلوب خاشعة بمديد من العمر السعيد، راجين أن يتوارث أبناؤنا من بعدنا البيعة لك، حتى العديد والمديد من ثماني سنوات.