كما كل سنة تستقبل مكة المكرمة والمدينة المنورة ملايين الأشخاص القادمين من كل أصقاع العالم لأداء فريضة الحج بقلوب خاشعة ونفوس مؤمنة، وليقف الجميع بين يدي الخالق العزيز دون تمييز ما بين غني وفقير أو بين عربي وأعجمي أو بين رئيس ومرؤوس.
وتأتي مناسك الحج هذا العام متزامنة مع تقرير دولي صدر حديثًا عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وبرنامج الأغذية العالمي، ويفيد أن هناك نحو 850 مليون جائع في العالم أي ما يعادل شخص واحد من كل 8 أشخاص يعيشون على سطح الكرة الأرضية.
ويحاول هذا التقرير أن يقترح الحلول الناجعة من أجل القضاء على هذه الآفة الإنسانية من خلال الدعوة الى الاستثمار في القطاع الزراعي، وتنشيط دور القطاع الخاص، وعدم وضع حواجز أمام التحويلات النقدية المرسلة من المهاجرين.
ويعتبر التقرير أن أكثر بقاع العالم معاناة من الجوع تقع في إقليم إفريقيا – جنوب الصحراء الكبرى الذي حقق أقل تقدّم في غضون السنوات الأخيرة، والذي لا يزال نقص التغذية مستشريًا فيه على نحو أعلى من الأقاليم الأخرى، موضحًا أن واحدًا من بين كل أربعة أفارقة في هذا الإقليم لا يزالون جياعًا.
أما عن المناطق العالمية الأخرى فإنها في حال واصلت خطط النمو المرسومة، فقد تتمكن من خفض نسبة الجياع لديها إلى النصف عام 2015 وخاصة المناطق الواقعة جنوب آسيا وشمال إفريقيا.. أما المناطق الواقعة غرب آسيا فإنها لم تحقق أي تقدم.
وطبعًا لم يتطرق التقرير من ضمن الحلول المطروحة إلى خاصية إسلامية هي مسألة الزكاة المفروضة على كل مسلم، والتي إذا ما تم تحصيلها بشكل شفّاف وصادق فإنها على الأقل كفيلة بالقضاء على الجوع في المناطق الإسلامية، وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم للمحتاجين والمعوزين.
ومعلوم أن الزكاة ركن من أركان الإسلام كما الحج، وكما غيره من أركان الإسلام الأخرى، لا بل إن الحج مفروض لمن استطاع إليه سبيلًا، فيما الزكاة لا مخرج من التهرب من دفعها، سواء كان المسلم فقيرًا أو غنيًا.
ومن هنا اسأل الله العلي الكريم أن يتقبل من حجيج هذا العام صلواتهم وابتهالاتهم، وأن يعينهم على إتمام شعائرهم، وألا يغيب عن بالهم موجبات زكاتهم، ليكون لهم الفضل في القضاء على جزء من مأساة الجوع التي من المؤكد أنها تمس أعدادًا لا بأس بها من المسلمين في هذا العالم.