جديد المركز

الخطر المائي العربي المقبل

من غرائب الأمور ان معظم الدول العربية تعتبر نفسها غير معنية بوضع أي استراتيجية لتوفير المياه للأجيال المقبلة رغم عدم وفرة هذه المادة الحيوية التي لا يمكن لأي مخلوق أن يستغني عنها .
والأكثر غرابة أن معظم الدول العربية لا ترصد في موازناتها أي مبالغ للأبحاث المائية ولا تنشىء أي معاهد مختصة يمكن للسلطات المعنية الاستعانة بخبراتها ومعلوماتها من أجل مواجهة النقص المائي الحاد الذي سيجتاح العالم العربي خلال سنوات قليلة .
والملفت للانتباه ان المملكة العربية السعودية هي الوحيدة التي أعارت هذه المسألة الاهتمام اللازم ليس فقط لتدارك النقص المتوقع في احتياجاتها المائية بل ايضاً النقص المتوقع في العالم أجمع ، وخير مثال على ذلك مبادرة الأمير سلطان بن عبد العزيز ( تغمده الله بواسع رحمته ) الذي بادر الى اطلاق ” جائزة الأمير سلطان العالمية للمياه ” عام 1986 والتي وضعها من ضمن مؤسسة لها هيكلياتها وآلياتها وكادرها البشري المختص فضمن بذلك استمرارية عملها في غيابه بنفس القوة التي كانت عليها في حياته .
وليس من باب المبالغة القول إن هذه المؤسسة قد أعدت مئات الدراسات ،وعقدت عشرات المؤتمرات والندوات ، ووزعت جوائز ومكافآت ، ونظمت ملتقيات أطلقت من خلالها صرخة تحذير عارمة ليس فقط من أجل التنبه للنقصان المتوقع عالمياً وعربياً في مادة المياه بل أيضاً من أجل السعي الى تفادي حروب مقبلة في أكثر من منطقة في العالم بسبب المياه .
ولقد جاء برنامج الامم المتحدة الانمائي اليوم ليؤكد صوابية ما حذرت منه ” جائزة الأمير سلطان العالمية للمياه ” لجهة إن الدول العربية قد تحتاج الى استثمار ما لا يقل عن 200 مليار دولار في مجال الموارد المائية خلال الأعوام العشرة المقبلة.
ويفيد التقرير الذي جاء تحت عنوان “ادارة الموارد المائية في المنطقة العربية .. بين تأمين العجز وضمان المستقبل” ان حصة الفرد من المياه في 12 دولة عربية تقل عن مستوى الندرة الحادة الذي حددته منظمة الصحة العالمية.
وأضاف التقرير أن “من المتوقع ان يرتفع عدد سكان البلدان العربية المقدر حاليا بنحو 360 مليون نسمة ليصل الى 634 مليون نسمة بحلول عام 2050 وأن يرتفع نصيب المدن من السكان من 57 في المئة حاليا الى نحو 75 في المئة ما يمثل مزيداً من الضغط على البنى التحتية للمياه.”
وأشار التقرير الى أن أكثر من ثلثي المياه السطحية في المنطقة العربية يأتي من خارجها كما يمتد جزء كبير من مياهها الجوفية خارج حدودها.وبذلك يتبين برأينا وجود مخاطر عدة تهدد العالم العربي أهمها :
•إن رصد الدول العربية 200 مليار دولار خلال عشر سنوات أمر مستحيل ويتجاوز قدراتها .
•إن معظم الدول العربية تتغذى بالمياه من دول الجوار مما يعني احتمال نشوب نزاعات مع هذه الدول
•إن معظم الدول العربية لم تستشعر بعد ما هي مقبلة عليه !!